تشبه أفلام هشام العسري أحمد نجيم. وهما معا غير مكتملين. وهما معا تشعر أنه ينقصهما شيء ما. وهما معا غارقان في التجريبية. وكما يمشي أحمد نجيم تمشي أفلام هشام العسري. وكما يتكلم مديرنا في كود تتكلم أفلام هذا المخرج. والذي يفهم أحمد نجيم وهو يتحدث بمقدوره فهم سينما هشام العسري. وهما معا في كل واحد منها اثنان. ولدينا هشام العسري السيتكومات ثم هشام العسري الأفلام. كما لدينا أحمد نجيم الناقد والمتتبع لسينما المؤلف. وأحمد نجيم رائد صحافة التابلويد في المغرب. وهما معا يجمعان بين النقيضين. وربما لهذا السبب كتب المدير مقاله النقدي هذا اليوم. وهو يكتبه. فقد كان يكتب عن نفسه. وعن جانبه الغامض. منتصرا في نفس الوقت لجانبه الآخر. ولم يكن الفيلم إلا حيلة. لكن هناك فرق. مع ذلك. بين أحمد نجيم وبين أفلام هشام العسري. الأول. أي مديرنا. ومن جهة فهو تجريبي في الحياة وفي الواقع. وغير مفهوم. وغامض. ويفاجئك دائما. ومن جهة أخرى هو كلاسيكي وتقليدي ومحافظ ويحرص على وجود قصة وحبكة وبداية ونهاية في أعماله الفنية التي يقدمها لنا في موقع كود. والتي تنال إعجاب الجمهور الواسع. وغير المتطلب. والذي يبحث عن التسلية. ولا يرغب أن يصدع رأسه بالعمق. وأحيانا نقرأ العنوان ولا نقرأ الخبر. وتارة نقرأ البداية. بينما يحذف النهاية. ويتركها مفتوحة. وطورا يكتب النهاية فحسب. حتى صار مدرسة. وصار الصحفيون يقلدونه. وصرنا نوظف"شعرية الأخطاء" وتقنيات الحذف. واستفزاز عقل القارىء وتحفيزه ليكتب خبره الخاص به. ونكتفي بالعنوان. والقارىء هو الذي يحرر الخبر. وهذا جديد. وغير مسبوق. والفضل فيه يعود إلى مديرنا. بينما يبدو هشام العسري واقعيا ومفهوما في الحياة التي يعيشها. ويصور فيها السيتكومات. ثم تجريبيا في السينما. وقد سبق لي أن شاهدت له فيلمين. وقد كدس فيهما كل ما قرأ. وملأهما بالكتب التي انتهى منها للتو. وبالأفكار التي عنت في خياله. كأنه يخاف أن تنتهي. أو أن ينساها. ودائما ينتهي بفكرة عن فيلم وليس فيلما. ودائما ينجز هذه الفكرة. التي تحتاج إلى مخرج آخر. ليجعل منها فيلما. و كما أحمد نجيم. فهو يصنع فيلما ويترك للمتفرج حرية تركيبه. والبحث له عن أحداث. وعن قصة. وهذا يعني أنهما شخص واحد. والعسري هو نجيم. ونجيم هو العسري. وهما معا يلجآن إلى الالتباس. وأنا لكني لست أنا. وهذا خبر لكنه ليس خبرا. وهذا فيلم لكنه ليس فيلما. وهناك نوع من القراء يعجبهم هذا النوع من الصحافة. وهناك عشاق للسينما. متطلبون. ويرغبون في تعذيب أنفسهم. وادعاء العمق. ورفض البساطة. ويعجبهم هذا النوع من الأفلام. أما السؤال المهم. والمحير. أما سؤال الأسئلة. فهو ما الذي أصاب مديرنا. وما خلفيات مقاله. ولماذا لم يرسل أي واحد منا للكتابة عن فيلم هشام العسري. بينما كود مليئة بالنقاد الأكفاء. وأوجد أنا. وتوجد سهام البارودي التي كتبت قبل أسابيع عن فيلم مغربي. ويوجد سقراط الذي مازال السينيفيليون المغاربة يتذكرون تغطيته المتميزة لمهرجان طنجة. وهل يعاني من أمر ما. وهل هو حزين. وهل فقد الأمل. وهل انتصر عليه"بن عرفة". وهل قرر العودة إلى بداياته الأولى. مهتما بالفن. وبالفنانين. وبالنجوم. بعد أن خذلته السياسة. ثم ما رأي بنكيران في هذا المقال. وهل قرأه. وما رأينا نحن الذين نشتغل في هذا الموقع. وهل انتهى أحمد نجيم هو الآخر أم أنه لا ينتهي وسيبقى ومن تجريبيته لا نعرف من أين يبدأ ومن أين ينتهي تماما مثل أفلام هشام العسري حتى أننا في حيرة من أمرنا. ولا نعرف ماذا أصاب مديرنا. ونخشى أن يتحول إلى ناقد. ويتخلى عنا. فنتحول في كود إلى فيلم كوميدي من الدرجة الثالثة. فيضحك منا كل الجمهور ويضحك الزملاء ويضحك هشام العسري الذي رغم كل تجريبيته لم يكن يتوقع أن يأتي أحمد نجيم. ويشكك في عبقريته السينمائية.