قد لا ننتبه لذلك ،لكن إحدى علامات المرحلة ،هو إستعادة الشعب المغربي وقواه الديمقراطية لحزب الإستقلال، الباقي مجرد تفاصيل في مسار البناء الديمقراطي. في كل لحظات التاريخ السياسي المغربي ،إصطفاف حزب الاستقلال كان حاسما في تدبير موازين القوى الوطنية ،وفي ترجيح خيارات الإصلاح. راجعوا ظروف ولادة تأسيس الكتلة الوطنية و سياقات تشكيل الكتلة الديمقراطية . في كلتا الحالتين كان إصطفاف الإستقلال إلى جانب الاتحاد، ليس فقط مجرد إعادة المشهد الحزبي إلى وضعه الطبيعي الأكثر أصلية و وضوحا ،ولم يكن مجرد انتصار للفرز السياسي المجتمعي على إرادة الخلط و تكنولوجيا صناعة السياسة في مختبرات السلطة. بالأساس ،كان الاصطفاف تحييدا للحجة الأكبر السلطوية ،وهي تحاول تعطيل التحول الديمقراطي ،عبر الانفراد بمواجهة اليسار أعزلا في صيغة خصم إيديولوجي محاط بتهم التناقض مع ثوابت الدولة . اليوم ،موقف الاستقلال ،وهو أكبر من مجرد قراءة النتائج الإنتخابية، أو من مجرد تقدير موقف بصدد تشكيل الحكومة ،يعيد المعنى للاصطفافات السياسية ،ولكنه كذلك يتفه أطروحة الفرز الايديولوجي المصطنع لوهم الحداثة و مواجهة الإسلاميين ،ويحولها الى مجرد حجة مهلهلة لأنصار الارتداد السلطوي. تموقع الإستقلال ،كقوة عريقة ،وطنية ،ومستقلة،إلى جانب الديمقراطية ،يؤدي دائما إلى إنقلاب السحر على التلاميذ السحرة ،حيث تنتقل العزلة من معسكر الديمقراطيين إلى معسكر القوة الثالثة . راجعوا التاريخ، لتتأكدو أن ما يكتبه حداثيو الانقلابات ليس سوى استعادة باهتة لافتتاحيات رضا اكديرة- ببلاغة لغوية أضعف مع الأسف-و نشرها في جرائد فاقعة الألوان . راجعوا التاريخ ،لتتأكدو ان الحكاية ليست مواجهة اليسار او الإسلاميين ،وأنها بالأساس قضية ديمقراطية و إرادة شعبية ،في مواجهة قوة ثالثة تشتغل في أجندة المصالح والخارج . راجعوا التاريخ !