لم يَبلُغني عنكَ.. بل إنَّني شاهدتُ وعاينتُ أنك بِفعلك الذي أقدمتَ عليه، حينَ انعقادِ المجلس الوطني لحزبك أسأتَ إليَّ شخصيا، وأَسأتَ إلى كلِّ سوسي وأمازيغي؛ بل وإلى كلِّ مغربي غيورٍ على وطنِه ومواطِنيه جميعاً، ويُؤلمه، بما هو انسَان أيضا، أن تُداسَ كرامةُ أي شخصٍ أو فئةٍ أو جماعةٍ من أبناء هذا البلَد العَزيز.. وبخاصةٍ؛ حِينَ تَصْدُر تلكَ الإسَاءةُ البالغةُ من عاقلٍ بالغٍ مُكلَّفٍ يعي جيّداً ما يقولُ وما يَفعل. لم يَبلُغني عنكَ.. بل إنني سمعتُ ورأيتُ ووعيتُ أنك أتيتَ أمراً منكَرا مُهيناً؛ حينَ تفوَّهتَ في حق أهلِ سُوس؛ بالكلام المُسِفِّ واللّا مَسؤولِ الذي انتشيتَ به لحظةً، والذي رفّهتَ به، كثيراً أو قليلاً، عن نفسكَ وعن نفُوس من كانوا حاضرينَ معك من مَرؤُوسيك المتفَاعلين إيجابياً، للأسَف الشدِيد، مع قفشَتك اللّاذعة؛ أي مع هُزْئِكَ الضَّحْلِ والسخيفِ وغيرِ المقبولِ بتاتاً من أيِّما شخصٍ عاديٍّ؛ فأحرى من أمينٍ عَامٍ لِحِزبٍ ذي مرجعية أخلاقية، وفي الوَقت ذاتِه رَجُلِ دولةٍ في بلدٍ ذي تاريخٍ مَجيدٍ من الثقافَة والحضَارة والقِيم .. ثم وأيضاً خِلاَل نشاطٍ مؤسّسَاتي رَسمِي. لم يَبلُغني عنكَ لا ادعاءُ كلامٍ لم تَقُلْهُ، ولا وصَلتني إشاعةٌ عنكَ بِضَغينة من أَحدٍ، بل كُلُّ الذي أَتَاني، بالصَّوتِ والصورةِ وبِالملامِح المُبِينة، هُوَ، تماماً وبِلا مِراءٍ، ما قُلتَ وتَبَنَّيْت.. وحتى السّاعةَ لم تعتذرْ عن ما اقترَفت.
x x x أنا لا أبالغ في فَهْمِ ما أنا فهمتُ.. ولم أَصِلْ بمَزحَاتك القاسِية في حقِّنا إلى أقاصِي التأويل؛ حيثُ دلالاتُ الحِقد والكرَاهية والبَغْضاء والعنصُرية.. رغمَ أن لك سَوابق تَنِمُّ وتَسْمَحُ بالذهَابِ بعيداً لاستِقصاءِ المعنَى الذي لا يَليقُ أن يَليقَ بك: هِيَ سَوابقُك مع الأمازيغيةِ التي تجَرّأْتَ علَيها وعلَينا يومَ شبَّهتَ حروفَها "تيفناغ" بالِشِّنوية استهتاراً منكَ بالموضُوع من أَصْلِه، واستخفافاً بمَشروعيته وبأهمِّيتِه وجَدارتِه. الأمازيغيَة التي قلتَ عنها أيضاً، أكثرَ من مَرة، عابِثاً (أي مُقترِفا الهَزلَ في مَوْضِع الجِد) إنكَ لا تَعرفُها "الله غالْبْ"، وهو عُذر أقبحُ من زَلَّةِ حين يُدلِي به مسؤولٌ حُكومي ٌكبِيرٌ في شأنِ قضيةٍ مصيريَّةٍ لِشَعبٍ هُوَ شَعبُه؛ لأنَّ حلَّ مُعضلةَ الأمازيغية بِبلَدنا، أيها المَازحُ دَوْماً في غيرِ مَكانِ المزَاحِ، لا يَكمُنُ في معرفةِ أو جَهْلِ رئيسِ الحكومةِ بِلُغتِها؛ بل في مدَى صِدق "الجُهودِ" التي يبذُلُها هُوَ وحزبُه وحُكومتُه لأجلِ إحقاقِ حُقوقِها. لم أَصِلْ بمَزحاتك القاسيةِ تلكَ إلَى أيِّ معنىً سِوى أنّها كلامٌ "مشخرةٌ" ومَسْخرةُ لا يَنبَغي لِفَاعلٍ سيِاسيٍ يَحترِم نفسَه وحزبَه وشعبَه إنْ في المُعارضة أو في الحُكم أن يَصْدُرَ عَنه.
x x x أنا لا أُبَالغ في فَهْمِ ما صرَّحتَ به، بل أنا فهمتُ، جيّداً وتماماً، ما صرَّحتَ به، ولم أتجاوزهُ كمَا لم أتجَاوزْ عَنه. أقولُ ذلكَ لَك، ومؤكِّداً عليه.. لأنكَ بِصَمْتِك عن الاعتذَار، طوالَ الوقتِ الذي مضَى، ربّما تكونُ فَهِمتَ أو قيلَ لَك أو قرأتَ ما نُشر في النّاس عنكَ بأنّك لم تُسئ لأحد! ذلكَ أنَّ أحباباً لَك، يا رئيسَ الحكومة، حاوَلوا خِداعَ السُوسيين والأمازيغَ والمغاربةَ جميعاً بِزعْمِ أنك لا تَنوي، بنُكتتِكَ التافهةِ تلكَ، إهانَتَنَا؛ بل، علَى العَكسِ، كنتَ تجزِل في الثناءِ الجميلِ علَينا بسُخريتِك منا! ودليلُ أحبَابِك على أنّكَ لم تُسئْ لأَحدٍ هُوَ أنّ أكثرَ مَن في مَجلسِكَ هُمْ مِن أهلِ سُوس، ومَع ذلك لَمْ يُبدوا لا تأفُّفاً ولا امتعاظاً ولا غادرُوا المجلسَ احتجاجاً. كذلكَ كانَ قَوْلُهم في الحاضِرين معَك من أبناءِ تلكَ المنْطقةِ المنتَمين لِحزْبك وجمَاعتك. وتِلكَ لَعَمري إهانةٌ مِنْ هؤلاءِ لهؤلاءِ أكبرُ وأفظعُ من إهَانتِك لهُم؛ ذلك لأنَّ القائِلينَ الفَرِحِين بما فعلتَ أضَافوا أيضا إلى دُعابتِك المُهينةِ للكرامةِ كرامتِنا، إهانةً أيضا للعُقولِ عُقولِنَا. فمَن هذا الذي يستطِيعُ أن يُصدّق أنَّك لم تكُن تَسعَى لِتَسخَر مِنْ مَنْ سخِرتَ منهُم، بل كنتَ فقط تَمدحُ قيمةَ التدبيرِ الاقتصَادي في سُلوكهم؟! ومَن هذا الذي سَيُصدّق أنَّه قَد كانَ بإمكَان الشَّخصِ الفَردِ الذي سَمّيتَ، كَما كانَ أيضاً بإمكَان أهلِه الحاضِرين، أن يَنتَفضِوا جميعاً ويَحتجّوا عَلى ما فَعلتَ؛ لكنهُم لم يَفعَلوا؛ ولأنّهُم لم يَفعَلوا فتِلك أدمَغُ حُجَّة على أنكَ لم تكُنْ تَحكي شرّاً ولا كُنتَ تنوي إيذاءً بَل خَيراً (!)
كذلك قولُهم.. مع أنَّنا نَحنُ نَعْلَم وأنتَ تعْلَم والجَميعُ يَعْلم أنَّه القولُ الباطِلُ؛ لأنَّ المانعَ من احْتِجَاج غَيرِ المُحْتجِّين جَليٌّ بَاِئن: هو "فكرُهم" بما هُم أتباعٌ سياسيُوَن مَحكومُونَ من جهةٍ بتعَاليمِ "دَعَويتك"، ومُلتزمونَ من جهَةٍ أُخرَى بمبَادئِ إيديُولوجيتك، وهُمَا عَاملان يؤكدُ الواقعُ أنَّ الخَاضعَ لهما يجعلُ الانتمَاء لسُوس أو للأمَازيغية في الدَّركِ الأسفلِ من انتماءَاتِ الاعتِزازِ بالهُوية الجَمَاعيَّة.. ويا ليتَها كانَت تعاليمَ ومبادئَ تُفضي كَذلِك إلى المَوقفِ المُماثِل لَدَى المُنْتَسِبينَ لِمناطقَ أخرى وهُوياتٍ أخرى.. إذَنْ لَعدَلتُم أنتُم وأتباعُكم بين القوميَاتِ واللغاتِ والثقافاتِ جميعاً، ولكن.. ثم إنَّ "الفكرَ" المُماثلَ للّذي عَليه أتباعُكَ هُو فكرُ أحبَابك ودَاعِميك من خَارج تنظِيمَيكَ الدعَوي والسّيَاسي؛ أيْ إنه أيضاً فكرُ الأمَازيغ المؤدلَجين داخلَ أحزَابٍ وتنظِيماتٍ أخرى؛ أولئك المستثمِرين دوماً لشعبَويتك، والمتَعاطفِين دوماً مع حزبِك وجمَاعتك، كلَّما كانَ الهدفُ، المعلَنُ أو الخَفيُّ، منهُما هو إلحاقُ الضَّرر بالأمَازيغية. وأتباعُك وأحبابُك يا رئيسَ الحكومةِ لا يَتحالَفان معاً، ولا "يتَغارضَان" معاً إلاَّ لِكونهِمَا يتَجاهلانِ معاً هاتَين الحقيقتَين الموضُوعيتين: الأولى هي أنَّ كرامةَ الجماعَة في وجُودها القوميِّ أولاً، ثم في غيره بعدَ ذلك، تَماماً كما أنَّ كَرامةَ الفردِ في قيمَة شخصِيته كفردٍ لا في قيمةِ شخصٍ غَيرِه.. وقد عبَّر المُناضلُ الأمازيغِيُّ الراحِل عَلي صِدقي أزايكو عن هَذا المَعنى لمناضِلي اليسَار في السَّبعينياتِ بقَوله: أنا أمازيغيُّ قَبْلَ أن أكونَ مُتديناً بدينٍ أو مُنتسباً لإيديولوجيا من اليسَار أو اليَمين. والثانيةُ هي أَنَّ التفريطَ في الانتماءِ للذَّاتِ الثقَافيةِ واللُّغَوية لِجَمَاعةٍ ما لا يكونُ في صَالحِ فكرةٍ أو دينٍ، أبداً وبالمُطلق، لتنَافي الصِّراع بين تِلكَ الهُويَة الثقَافيةِ واللُّغَوية من جِهة والدينِ والفكرةِ من جهةٍ أخرَى؛ بل إنَّما يَكونُ، دائماً وأبداً وبالمُطلقِ، في صَالح هُويةٍ أخرَى مَهَيْمِنَة؛ والتي هِي، في بِلادنَا، العُروبةُ بالنسبَة لِمَن فرّطوا في المُزوغة. وبالنّتيجَة، فالذي يَقبَلُ من أحبَابك وأتبَاعك تَجاهُلَ إهانةِ قومِه هو المُستلَب والمُعقَّد نفسياً (والعباراتُ مقترَضةٌ من مقُولاتِ بعضِهم ) وليسَ الذي يَختلفُ مع الآخرينَ إيديولوجيا.
x x x ثم بعد، إن أحبابَك حين استَهدفوا العقلَ أيضاً..كانَت غايتُهم أن يُضلّوه بالتآويلِ الخَادعةِ دفاعاً عنكَ وتَحيُّزاً لأفكارك ، لَوْلَا أنْ كانتْ بالمرصَاد لَهُم الوقائعُ والحقائقُ الناصعَةُ الفاضحةُ التّالية: 1 إنّ ضحكاتِ مَرؤُوسِيكَ، الحَاضرينَ بِمَجلِسِك، هِيَ أقوَى دَليلٍ على أنّكَ أيّها الرئيسُ لَمْ تَحْكِ أمَام الشَّعبِ المُهانِ غيرَ نُكتةٍ استفزازيةٍ رديئةٍ ومن ثَمَّ فهي مُدانة. 2 لقد فاتَ من استلذّوا تلك النكتَةَ "البَهيَّة"،كما استلْذَذْتَها أنتَ أيضاً، ولا يَودّون تبْخيسهَا دفاعاً عن "البَهاء الذي فيها". فاتَهم أَنْ ليسَ ثمّةَ تأويلٌ أخلاقيٌ مُمكنٌ أبداً لِكلامٍ هُوَ في مَظهَره وفي جوهَرِهِ غيرُ أخلاقي. 3 إن الدلالة التحقيريةَ في البُخل المزعُوم لدى السّوسي،كفكرٍ نمَطي متخلِّف، هي مُعطىً ذهنيٌ راسخٌ في واقِع ثقافتنا الشّعبية، مثلَما ترسّخَتْ فيهِ أوصَافٌ أخرى مزعُومةٌ وغيرُ مقبولةٍ عن فئاتٍ وجماعَات أخرى في بَلدنا، ومن ثَمّ فحدُوث التّسليَة أو الإضحاكِ باستخدَام أيِّما صفةٍ من تلك الصّفات أمرٌ مسَلَّم به اجتماعياً، ولا أحَدَ يقوَى على إنكارِ واقعيّته. بيدَ أن حكيَ النكتةِ المقبُولة أو الجائِزة أو المشروعَة مشروطٌ باحترامِ الآخرِ موضوعِ التَّنكيت؛ فلا يُسخَر من شخصٍ في حضُوره إلا ب"مُوافقته"؛ أي إن النكتةَ لا تُحكى إلا في التجَمُّعات "المنسَجمة" التي تنتَفي خلالَها الإسَاءةُ لأيِّ شخصٍ أو فئَة؛ حيثُ إن الجميعَ يُشارك في الدّعابة من أجلِ الجَميعِ وعلى حسَاب الجَميع، ومَن أتَى علَيه الدورُ ليكونَ موضوعَ "الإهانة" مؤقتا يقبلُ بذلك ويتقبّلُه؛ لأنّ المعنى الضِّمنيَ المتراضَى حوله لأي مُستملَحَةٍ هو، حقيقةً لا تأويلاً، الترفيهُ عن النفسِ ولا شيءَ غَيره؛ بما هو معنًى يندرجُ، حَتماً وبالضرُورةِ، خارجَ سياقِ التجريحِ والاحتقارِ والنيلِ من الكرَامة. أَمَا والحالُ أنّ مجلسَ حزبكَ يا رئيسَ الحكُومة لا صِلةَ له بأيِّ انسجامٍ من ذلك النّوعِ: لأنَّ اللقاءَ فكريٌّ وسياسيٌّ؛ لا يُمكن أن يَكتسيَ طابعاً آخرَ غيرَ طابَع الجِدية وتَقْديرِ المَسؤُولِية، ولأن مَشهدَه مُصوَّرٌ ومفتُوح أمام أنظارِ الخصوصِ والعُموم.. فعباراتُك الباعثةُ على الإضحَاك خلالَهُ هي نُكتة، أَيْ نَعَم هي نُكتة، ولا يُمكنُ تأويلُها إلى غَيرِ ذلك. إنها عبارة ساخرةٌ حارقةٌ قارحةٌ ومسيئةٌ جدّاً للسوسيينَ والأمازيغيينَ والمغاربةِ جميعاً، ما في ذَلك شَك. سواءٌ أقَبِلَ بذلك بعضٌ من أحبَابكَ من اليَمينِ ومن اليسَارِ أم كَرهوا.. والقَرْحُ ذاكَ والإساءةُ تلكَ عَمَلٌ مرفوضٌ ومُدان بما هو دوسٌ للقيَم والأعرَاف والأخلاقِ مِن "مُدافِعٍ" عن القِيَمِ والأعرَاف والأخلاقِ! لا غٌفرانَ له، ولا تَجاوُز عنه، ولا مَهربَ منه، سِوى بتقديمِكَ طلبَ الصّفْحِ والاعتذارَ إلى مَنْ عنّفتَهم وآذَيْتهُم… وذلك أضعفُ الإيمان بقيمَة الانسَان وحقُوق الشَّعب.. شرطَ أن لا يكونَ الاعتذارُ مسخرةَ جديدةَ من مسَاخِرك التي لا تُعالِجُ بَلْ تُفاقِم. ولو فعَلْتَها أكَّدت لأتبَاعِك وأحبَابِك فقَط، ولَيسَ لنَا نَحنُ بِطبِيعةِ الحَال، أنّ جُهودَهم للدَّفاع عن سَلامةِ طوِيّتكَ لا مَعنَى لها.
x x x أمّا قَبل، كَم كان مؤلماً أن تَحتقِر من كانَ رَفَعَك إلى سُدة الحُكم، حين صَوَّتَ عليك، في انتخَاباتٍ حُرة ونَزيهة، ووَضَعَ ثقتَه فيك، وأحلَّك المكاَنةَ التي رأَى أنكَ، باسمِ مبَادئ الخَير المُعلنة في جَمعيتك، وباسمِ أهدافِ "العَدالة" و"التنمِية" المقررةِ في حزبِك، ستكونُ أهلاً لَها، وأنَّك أنتَ تحديداً لا غَيرك مِنْ بينِ جَميع مُنَافسيك سَتكون أفضلَ مَنْ يستحقُّها، ولكن.. وكَمْ كان قاسِيا أن تَسخَر مِنْهُ إلى تِلك الدرَجة، التي تُتَرجِم عُلوَّها تلك القهقهاتُ الجماعيةُ الصاخِبة، التي حزَّتْ في نُفوس مُواطِنيك، الذين اعتديتَ علَيهم، قبلَ أنْ تَهُزَّ فضاءَ المَكان حيثُ انعقَد مجلِسُكم الموقَّر غيرُ الموقِّر، ولكن.. كذَلكَ كَم كانَ مؤلماً وقاسياً معاً، أن تَهْزَأَ مِنْهُ إلى ذلكَ المُستَوى من انتفَاخِ الأنا ومن ضَغطِ كبرياءِ الذاتِ التي حالَتْ بينَك وبينَ أن تَستدركَ الموقفَ في حِينه وتُنَبِّهَ المنخَرطين معكَ في مهرجانِ الضَّحك علينا؛ (= أي على الآخَرينَ بالنسبَة لك) بِالقَول: أنْ عَفْواً أنا لا أقصِدُ ما أنتُم فاهمُون. فتكونُ قد اعتَذرت، ولكن..
أنتَ يا أيُّهاذا الرئيسُ السياسِي المُضحِكُ للنّاسِ في النّاس، إضحاكاً تأبَاهُ النفسُ الأَبِيَّةُ وتَستهجنُه الأفئدة النقِية، وتَمُجُّهُ حتى السياسةُ بأشكالِها وأنماطِها.. هل تَرى نفسَك فعلاً بعدَ هذا الحدثِ الأليمِ الذي خلَقْتَه بالغَمز واللَّمز في السّوسيين، وارتَكَبْتَه أنتَ ومَنْ دعمُوك بالهَرَجِ المُدَوِّي دونَ تفكِيرٍ أو بتفكيرٍ غيرِ سليمٍ.. هل تَرى أنكم جميعاً مَوْضِعُ ثقةِ هذا الشَّعب فعلاً؟ كَم كانتْ باعثةً على الأسَى والحَزَنِ، الذي لا حُدودَ له، كلُّ تلك البَغضاء المُثيرَةِ لِمَا أنتَ تَعلَمُ أنَّها أثاَرتْهُ، ولَنْ يُطفئ َأُوارَها غيرُ أن تَعتَذِر. يَا رئيسَ الحُكومة خبطتُكَ القَاصِمَةُ لم تُراع قِيمَةً لأي قيمَةٍ؛ أكانت أخَوية أو وطَنية أو دينِية أو انسَانية. الفِيديو أمينٌ والوقعُ في النفسِ أليمٌ.. وأنتَ لَمْ تَهتمَّ للأَمرِ وَلَمْ تَعتذِر. ولَقَدْ كانَ مُمْكناً أن تَكْبُر في عَين مَنْ أسأتَ إليهِم، وكذَلك في عَين الجَميع، لو أنتَ سَمحتَ لضَمِيرك أن يُؤنِّبك؛ أيْ لَوْ أنَّك غَلَبْتَ ما في نفسِك حِينَ الحَدَثِ؛ وأنتَ أدرَى بِمَا فيها وقْتَها، وقُلتَ للجَميع: عفواً، أنا آسِفٌ، إنَّها زَلَّةُ لسَانٍ لا أكثَر. لكنَّكَ لَمْ تَفعَلْ!
x x x أنتَ لَمْ تَفعَلْ قَبْلاً.. فهَلْ تَملكُ بَعْداً جَرأةَ أن تعتَذر؟