"الوساطة" التي قام بها مصطفى الخلفي، وزير الاتصال -الناطق الرسمي باسم الحكومة، لتشغيل نجل محمد الحمداوي، رئيسه في حركة التوحيد والإصلاح، في مؤسسة بنكية عمومية ليست حادثا بسيطا، بل هي فضيحة حقيقية كانت ستسقط معها رؤوسا كبيرة لو كنا في بلد غير المغرب، خاصة أن سعادة الوزير اعترف بعظمة لسانه، في بلاغ عمّمه على وسائل الإعلام، بهذه "الفضيحة" المسيئة ليس فقط إلى حزبه، الذي يقود الحكومة، بل إلى حركة دعوية وإلى رموزها، الذين يدعون إلى "مكارم الأخلاق وحب الخير للغير". لكن المثير في هذا كله هو أنه لا أحد من إسلاميي العدالة والتنمية أثار، أول أمس، هذه الفضيحة خلال اجتماع المجس الوطني للحزب، كما لو أن الأمر لا يتعلق لا بقضية "زبونية ومحسوبية"، بل ب"واجب ديني قام به الخلفي للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى". "حادثة" وساطة وزير الاتصال مصطفى الخلفي لنجل رئيس حركة التوحيد والإصلاح محمد الحمداوي لدى مدير أحد الأبناك من أجل التدريب أو التوظيف مرّت مرور الكرام، والأغرب أن يعترف الوزير بعظمة لسانه بهذه الوساطة دون أن يثير ذلك لدى رئيس الحكومة أو حزب العدالة والتنمية أو حتى حركة التوحيد والإصلاح أدنى شعور بالمسؤولية أو الحرج السياسي. ما جدوى حديث الحمدواي اليوم، ومعه قياديو العدالة والتنمية، عن محاربة الفساد والاستبداد والمحسوبية ومحاربة التوظيف المباشر بدعوى القطع مع الريع والامتيازات؟ وليس مفاجئا أن أصبحت بعض التسريبات، تتحدّث اليوم عن "الخطأ" الأصلي لبنكيران، الذي تشبث باستوزار الخلفي في منصب حساس جدا مثل وزارة الاتصال. فالواقع أن المكان الطبيعي للخلفي هو أن يكون "مستشارا في ديوان رئيس الحكومة"، لماذا؟ لأنّ الخلفي ذهب بعيدا وأصبح يردد كلاما خطيرا خلال الأيام الأخيرة حتى إنه نسي نفسه في برنامج إذاعي وقال على المباشر "إن الشّعب معي"، وهو كلام لم يسبق أن قاله حتى ملك البلاد