وحده عزف الناي من يستطيع الإمساك بجنوب الروح، حشرجة الأنين ترتب الغياب على صهوة النشيد الممتد من ألم العازف إلى حبور المتلقي، سكينة التوحد تغرقك في غيبوبة راقصة تكنس روحا تجمع على سطحها غبار الرتابة وكثير من بذاءة السائد من عزف لا يشبه العزف.... ذلك كان ناي عازف ألألم، الأستاذ رشيد زروال، وهو يعانق صفاء ليل الاوداية الذي يتأبط ذراع الأطلسي، يحمل عمق اليَمِّ إلى أرواح تعانق جوعها الممتد من الموسيقى إلى الموسيقى، وعطش المعنى وهو يَهِبُّ على أوتار صوت ديفا الطرب العربي، الفنانة كريمة صقلي، تصدح بفاكهة الحب وتراقص معنى الله في قلوب المؤمنين الذين حجوا في الليلة الثالثة من مهرجان "صيف الأوداية" لينظفوا أكف أرواحهم من ما علق بها، تراب الحروب وصور الموتى وهذا القلق المعلق على الخوف من الآتي...
كريمة الصقلي ورشيد زروال، زوج اليمام الذي يطرز طريق الفرح في قلوب عشاق فنهما، يفاجئانك بفرح الموسيقى وجنوح اللغة المختارة من نبيذ الحب المكتوب بابن عربي، او تفاصيل الله وهو يحنو على عباده برحمة ذات الحب كما نسجه الشوشتري، ترانيم العشق وسفر بلغة الليل ممتطية صهوة الناي الملتحف بلغات العالم ورقص الشعوب...
هي ليلة الرباط المنفلتة من مراوغة السياسة، سرقة المعنى من بهاء سيدة الغناء المغربي، كريمة الصقلي، وفارس اللحن المتأبط نايه، الأستاذ رشيد زروال... شكرا لأنكم بيننا.