شرع حزب الاستقلال في تسويق سياسة تواصلية جديدة تهدف إلى إظهار المسافة التي صار يحتفظ بها الميزان من حكومة بنكيران وبالتالي محاولة تحسيس الرأي العام على الأقل إعلاميا، بأن الاستقلاليين على العهد الشباطي صاروا تدريجيا في حل من ميثاق الأغلبية الحكومية، وهو ما فتئ شباط يصرح به أو بالأحرى يهدد به منذ صعوده أمينا عاما. ظهرت بعض معالم هذه السياسة التواصلية في مناسبتين متتاليتين هذا الأسبوع. الأولى كانت ببرنامج "قضايا وآراء" الذي يقدمه عبد الرحمان العدوي عندما استضاف يوم 30 أكتوبر لمناقشة مشروع ميزانية 2013 كلا من الأزمي وزير الميزانية والبرلماني الاستقلالي فؤاد الدويري ممثلين للأغلبية والاتحادي مهدي مروازي والبامي يونس السكوري عن المعارضة. ففي الوقت الذي سار الأزمي يدافع عن مشروع الميزانية والتنويه بالحلول الاجتماعية والاقتصادية التي يحملها، اختار فؤاد القادري التزام "الحياد السلبي" اتجاه هذا المشروع بحيث أنه لم يكلف نفسه عناء الدفاع عن هذا المشروع، بل وانتقده في بعض مقاطع البرنامج رغم أنه ينتمي لنفس حزب وزير الاقتصاد والمالية نزار البركة. لكن إذا ما علمنا أنه عضو في اللجنة التي أحدثها شباط لصياغة تعديلات جديدة على ميثاق الأغلبية الحكومية، ستنتفي كل علامات الاستفهام. موقف فؤاد القادري ببلاتو العدوي التقطه مهدي مزواري الذي اعتبر بأن تدخلات ممثلي الأغلبية بالبلاطو تقدم بعض عناصر الجواب على عدم الانسجام الحكومي.
نفس المشهد تكرر تلفزيونيا، لكن هذه المرة بقناة ميدي 1 تي.في عندما استضاف برنامج "مواطن اليوم" الذي يقدمه يوسف بلهايسي يوم 1 نونبر كلا من الاتحادي مهدي مروازي والاستقلالي عمر احجيرة والصحافي عبد الرحيم اريري والأستاذ الجامعي ميلود بلقاضي لمناقشة صورة البرلمان المغربي لدى الرأي العام. ففي الوقت الذي كان موقف الاتحادي مزواري واضحا من الحكومة على اعتبار أنه ينتمي لحزب في المعارضة، ظهر موقف الاستقلالي عمر احجيرة من الحكومة مفاجئا، حيث حمل الحكومة مسؤولية البطئ التشريعي، وانتقد غياب الوزراء عن الجلسات العامة للبرلمان، بل وذهب أبعد من ذلك عندما شدد على نفيه بأن لا سلطة لبنكيران على منع أو منح الزيادة في أجور البرلمانيين والتي أثارت جدلا كبيرا في الصحافة، أي بعبارة أخرى "ما شي شغلو". أضف إلى ذلك أن احجيرة ومزواري لم يجدا حرجا في تبادل عبارات الود السياسي بينهما ببلاتو البرنامج، تماما كما حدث عندما استند مروازي إلى خطاب الملك في افتتاح الدورة التشريعية الحالية، ليسجل إقصاء الحكومة للمعارضة من المقاربة التشاركية في العمل التشريعي، ويؤكد بأن "جزءا" فقط من الحكومة هو من يتحمل مسؤولية الإقصاء، في إشارة إلى أن هذا الجزء المضمر هو ميزان الاستقلال والكل المظهر هو مصباح العدالة والتنمية.