فارق أقدار، البالغ من العمر 28 سنة، الحياة فوق مقود سيارته، بعد تعرضه لأزمة قلبية مصحوبة بنزيف حاد في المخ ، وتعد وفاة جواد هي الخامسة التي تصعق المشهد الكروي المغربي، الذي لم ينسَ بعد صدمة وفاة زكرياء الزروالي، التي ما زالت لغزاً يحير الرأي العام. فبمجرد إثارة ملفه تتقاطر الأسئلة عن من المسؤول عن عدم تشخيص حالته في الوقت المناسب، وعلاجه قبل أن يخطفه الموت، في السنة الماضية، بعد أن تدهورت حالته الصحية بشكل مفاجئ، عقب مباراة خاضها برفقة فريقه في الأدغال الأفريقية. وسجل الكرة المغربية حافل بحالات الموت المفاجئ، ففي المواجهة الساخنة بين الغريمين التقليديين الرجاء والوداد البيضاوي، برسم نصف نهائي كأس العرش لموسم 2001، سقط لاعب القلعة الحمراء يوسف بلخوجة مغشياً عليه على أرضية المركب الرياضي محمد الخامس، قبل أن ينقل إلى المستشفى، ليعلن بعد ذلك خبر وفاته. أيضاً لاعب آخر غادر إلى دار البقاء فوق العشب الأخضر، ويتعلق الأمر بعزيز التكرادي (لاعب أولمبيك خريبكة)، الذي سقط أيضاً مغشياً عليه بعد حركات تسخينية بسيطة في حصة تدريبية.
فحوصات دورية للاعبين
رفع تكرار الوفيات المفاجئة للاعبين الأصوات المطالبة بضرورة إجراء فحوصات طبية دورية لممارسي رياضة كرة القدم. وشدد محمد عبور، مختص في الطب الرياضي وطبيب سابق في الوداد البيضاوي، على ضرورة إخضاع كل لاعب للفحوصات الطبية التي تؤكد سلامته البدنية، وعدم معاناته من بعض المشاكل الصحية، التي قد تتسبب في موته فجأة. وقال محمد عبور، في تصريح ل "إيلاف" : إن "تكرار هذا النوع من الوفيات يعيد فتح مسألة الملف الطبي، الذي لديه قواعد يعرفها جميع الأطباء المختصين في الطب الرياضي، خاصة الذين يشتغلون في الأندية"، مشيراً إلى أن "الملف الطبي المتكامل يبدأ بالكشوفات السريرية، ثم البيولوجية، وبعدها الفحوصات المتعلقة بالقلب والشرايين، بما فيها التخطيط الكهربائي للقلب، وغيرها من الفحوصات". وأوضح المتخصص في الطب الرياضي أن "هذه الفحوصات تظهر سلامة جسم الممارس في حالة الراحة وفي حالة القيام بأقصى مجهود"، مبرزاً أنها "تساعد في كشف بعض الأمراض، التي ربما لا تظهر بالكشف السريري". وذكر أن هذه الفحوصات تمكن الطاقم الطبي من الخروج بقرار بخصوص ما إذا كان الممارس قادراً جسدياً ونفسياً وعقلياً على اللعب، أم لديه عاهة أو علامة تؤشر على مرض يمكن أن يعيقه عن الممارسة الرياضية"، موضحاً أن "الملف الطبي ينجز في أول السنة، ولا يجب أن يحصل اللاعب على رخصة الممارسة، إلا بعد ظهور النتائج". كما يجب، يشرح محمد عبور، تتبع اللاعب في ما يخص تغذيته، وإرشاده لكيفية التعامل مع بعض الأمراض العادية التي تصيب الجميع. وأضاف "هناك بعض الحالات الاستثنائية، إذ رغم إجراء الفحوصات يأتي الموت المفاجئ، الذي لا يكون سببه غير معروف"، وزاد مفسراً "رغم أنها حالات نادرة إلا أنها تكون ناجمة عن مشاكل جينية في القلب". كما تحدث أيضاً عن بعض الوفيات التي تقع في صفوف لاعبين يتناولون المنشطات، مشيراً إلى أن "الأندية مطالبة بالتوفر على طواقم طبية للإشراف على اللاعبين، وإنجاز ملفات طبية لهم، ومتابعتهم طيلة السنة". وأضاف "وفاة أقدار كانت صادمة بالنسبة لي، إلا أننا يجب دائمًا أن نبحث عن الأسباب، حتى نأخذ النتائج في الاعتبار مستقبلاً لتفادي ما أمكن الموت المفاجئ للممارس".
نقص في المراقبة الطبية
قال الطاهر الرعد وهو مدرب وطني، إن الوفيات في الملاعب المغربية تزايدت في الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (إتحاد الكرة) سبق أن مكنت كل فريق من الذهاب إلى معهد مولاي رشيد، على أساس إخضاع لاعبيهم للفحوصات، لكن الأثمنة كانت مرتفعة، وهو ما جعل بعض الفرق تجريها، في حين لم تتمكن أخرى من ذلك". وأضاف الطاهر الرعد، في تصريح ل "إيلاف"، "نحن مقبلون اليوم على الاحتراف، الذي يجب أن يعتمد بشكل أساسي على الجوانب الطبية التي ما زال لدينا فيها نقص"، مطالبًا باعتماد مراقبة طبية تخضع لمقاييس عالمية. وأكد الإطار الوطني أن الفرق مطالبة، في بداية كل موسم، بإخضاع لاعبيها لفحوصات طبية على أعلى مستوى، وتقديم ملف طبي يؤكد أن اللاعب جاهز صحياً لممارسة كرة القدم، على صعيد بطولة احترافية. وقال الرعد "لا أعتقد أن هذه المقاييس يجري اعتمادها حالياً"، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة إجراء فحوصات تتعلق أيضًا بتعاطي المنشطات التي تؤثر سلباً على المستوى الصحي للاعبين.