كيضحني هاد الفاسبوك والله العظيم…. الكل يندد ويشجب ويتضامن، ويكتب بيانات حائطية، ويغير صور البروفايل ويعلق شارات النصر تارة ورابعة تارة أخرى، ويصبغ وجهه تارة بالأسود، وتارة أخرى بألوان قوس قزح ( وأنا منهم في هاد الأخيرة)…الكل يبكي، ويتألم، ويطالب، ويعلن، ويصرخ، ويشرح، ويقول، ويعلق، ويرد، ويجيب، ويدين، ويكفر، ويزندق، ويجاهد، ويحارب…والجميع ينهي هذه المسرحية ب"déconnexion" عندما ينهي مهامه الإنسانية التضامنية لكي لا يقرصن أحدهم حسابه وهو نائم ويصبح على محادثته الخاصة معلقة على حيطان الفاسبوك.
لا زال هناك من يظن أنه بتغيير صور بروفايله إلى " كلنا غزة" يساهم في تحرير فلسطين وضرب القواعد الإسرائلية..ولا زال هناك من يظن أنه بتغيير صور بروفايل إلى " شارة رابعة" سيقضي على السيسي ويساند الإخوان. وهناك من يظن أنه ببعض الشعارات الفارغة يحارب الامبريالية والصهيونية والماسونية …
هناك من يظن أن بتعليقاته وردوده العنيفة من السمطة لتحت عمن ينتقد بعض الأحاديث والايات ويعيد إعمال الفكر فيها سوف يعلي راية الإسلام ويدافع عن الله ورسوله، وسيكتبها الله في ميزان حسناته، وهناك من يظن أنه يحمي الأخلاق ويقف "عساسا" من جدار إلى جدار يدين كل من يخسر الهدرة وكأنه حامي أخلاق الأمة…
هناك من تظن أن بنشرها أشعار حب عبيطة ستجهل حبيبها يعود راكضا إليها، وأخريات بالحجاب وأخريات بالبيكيني، كلهن يظن أن عرسانا سيخرجون من شاشات الفاسبوك.
لا زال هناك من يظن أن الفاسبوك هو من أجج ثورات الربيع العربي ويردد يسقط يسقط حكم مبارك، يسقط يسقط حكم العسكر، يسقط يسقط حكم الإخوان في حين كانت الثورات في الميدان تقاس بعدد الرابضين في ميدان التحرير وشوارع المدن وليس بعدد الجيمات و اللايكات و البارطاج…لا زال هناك يظن أنه يستطيع أن يخرج مظلوما من السجن بفضل ستاتو، أو يحارب الفساد بالبيجاما، أو يسقط النظام بكاريكاتير بئيس…
هاد البلاد خصها خدمة ديال بصاح … الخدمة الحقيقة هو كل واحد يخدم من منصب ديالو بإتقان وبجهد وبأمانة من عامل نظافة للملك… الخدمة الحقيقة من الأحزاب والجمعيات والتنظيمات المسؤولة والعميقة ماشي اللي كتقلب على الدعم السنوي..الثورة الحقيقة ضد الفساد الذي ينخر أجهزة الدولة من الشارع ماشي من الفاسبوك…
الفاسبوك له دور وحيد هو " التبركيك"، ويعلوه درجة التعارف بين الشعوب وتبادل الخبرات واللغات والثقافات..ثم الأعلى درجة المساهمة في نشر بعض الوعي وتبادل الاراء وبعض التثقيف لكنه يظل محدودا وغير فعال إن لم يقترن بوسائل ملموسة على أرض الواقع وما عدا ذلك راه غي كنكذبو على راسنا