بعد رمضان، خرج القطب التلفزيوني المغربي بقناتيه الأولى ودوزيم مزهوا بنفسه وهو يعلن للجميع أنه حقق نسب مشاهدة جد متميزة بلغت أكثر من 57 بالمائة. لكنه رقم يحمل بين طياته مجموعة من المغالطات والالتباسات. أولا، هذه النسبة تشمل كل قنوات القطب العمومي الثمانية لتفادي الحديث إعلاميا من طرف مسؤولي التلفزيون عن نسبة مشاهدة كل قناة على حدة حتى لا يصابوا بالإحراج خصوصا وأن دوزيم وحدها من يساهم في رفع هذه النسبة على اعتبار أن قنوات دار لبريهي لا تتعدى نسبة مشاهدة بعضها حتى نسبة 1 بالمائة. ثانيا: هذه النسبة تهم الاستهلاك التلفزيوني عن طريق المشاهدة وبالتالي فهي لا تعني بالضرورة رضا من يشاهد على المنتوج الذي يشاهد، خصوصا وأن استهلاك التلفزيون في رمضان يصبح مجرد عادة عائلية مثل شرب الحريرة وأحيانا يستعمل كما هي الأعراف العائلية المغربية "غير باش يدير الحس في الدار". ثالثا: هذه النسبة تهم عينة تضم 750 عائلة مغربية من مختلف الانتماءات السوسيوثقافية، وهي العينة التي لم تعدل ولم يتغير حجمها منذ إحداث ماروكمتري سنة 2006 وكأن العادات التلفزيونية للمغاربة لا تتغير. أضف إلى ذلك أن هذه الأرقام لا تيم الإعلان عنها إلا بعد أن يؤشر عليها السيوميد الذي يمتلك التلفزيون بوكالتيه الإشهاريتين 60 بالمائة من رأسماله وبالتالي امتلاكه لحق الفيتو إذا ما أزعجته يوما ما هذه الأرقام. ولعل استقراء لرأي الذي أنجزه معهد Averty Market Research & Intelligence وأعلن عن نتائجة بالدارالبيضاء هذا الأسبوع، يدحض بشكل كبير أرقام ماروكمتري، لأنه كشف عن أرقام صادمة عندما اعتمد معيار أو نسبة الرضا بدل نسبة المشاهدة. ومن نتائجه، التي همت عينة من 1042 مستجوبا يمثلون 44 مدينة 39 بالمائة منهم طلبة و 28 بالمائة أطر تتراوح أعمارهم بين 24 و34 سنة، ما يلي: 70 بالمائة من المغاربة لا يشاهدون إلا نادرا أو موسميا التلفزيون المغربي و 4 منهم لا يشاهدونه إطلاقا و 35 بالمائة يشاهدونه دائما برمضان و27 بالمائة خارج رمضان. 87 بالمائة منهم غير راضين عن المنتوج المقدم، خاصة المسلسلات المكسيكية والتركية وكذا البرامج الثقافية والترفيهية، التي تعد اليوم عصب الشبكة البرامجية للقناتين الأولى ودوزيم وسبب إقبال المعلنين. وجاءت البرنامج الديني الدين والناس الذي يقدمه بنحمزة على دوزيم ضمن أفضل البرامج، علما بأنه برنامج لم يظهر في لائحة ماروكمتري لأفضل عشرة برامج خلال شهر رمضان. أما القنوات التي حظيت بالرضا فهي ميدي 1 تي.في متبوعة بالسادسة متبوعة بالأمازيغية والرياضية. في ترتيب مخالف تماما لما كان متداولا إعلاميا بعد رمضان. لكنه يبدو طبيعيا على اعتبار أن ميدي 1 تي.في لم تدرج بعد ضمن القنوات التي تحتسب مشاهدتها من طرف ماروكمتري وبالتالي لا أحد كان يعرف وزنها الإعلامي من قبل،. أما بخصوص السادسة، فإذا ما علمنا أن شقيقتها الإذاعية تحتل المرة الاولى ضمن لائحة الإذاعات الأكثر استماع، فسيختفي عنصر المفاجأة. علما أن الاستماع للإذاعة اختياري وليس عادة مثل التلفزيون وبالتالي فأرقامه أقرب للواقع من أرقام مشاهدة التلفزيون.