قدر حزب التقدم والاشتراكية أن نلصق به "تهمة" الشيوعي. منذ عقود وهذا الحزب العريق يجر معه الماضي، ويأخذ صفة شيوعي خطأ.
نحن الصحفيين نحب الاستسهال، ولا نبذل أي مجهود للنظر في تطور التقدم والاشتراكية، وحتى قادته غير مستعدين لأن ينفوا عنهم هذا التعريف.
وأكثر من ذلك مازال نبيل بنعبد الله يزور الرفاق في موسكو ومازال أمميا
ويستقبل بين الفينة والأخرى حزبا شيوعيا من بلاد بعيدة وحين يذهبون اليوم إلى مؤتمرهم التاسع نلح على اعتبارهم شيوعيي المملكة. لقد ظلمنا هذا الحزب كثيرا
وهو أيضا لا يبدي رغبة في التفريط في ماركس ولينين ويظلم نفسه.
كأنه يعيش متنكرا في المشهد السياسي المغربي.
لا أحد ينكر ثقل التاريخ، لكن التاريخ نفسه هو الذي جعل من حزب التقدم والاشتراكية أول حزب يساري يتخلص من أوهامه.
ومذ عقود أصبح التقدم والاشتراكية ضد التقدم والاشتراكية الأصل.
ولأننا نراه شيوعيا فهو لا يقول لنا أنا لست كذلك يستمر الحزب ولا يرفض التسمية ونحن أيضا نحبه أن يكون"الشيوعي الأخير" بيننا.
وفي الحقيقة والواقع شيء آخر: حزب جديد ومتجدد بنخبة متنورة، تعيش عالم اليوم، وتتدخل فيه وتواجه تحولاته، دون الاستناد إلى الماضي.
لقد أعاق التاريخ تطور أحزاب اليسار في المغرب، بينما نجح التقدم والاشتراكية في النظر إلى الحاضر والمستقبل نظرة مختلفة وبراغماتية.
دون بيانات، ودون خطب. وتدريجيا تملص التقدم والاشتراكية من عبء الأصل ولا يقول ذلك لأحد بل يمارسه يوميا ويقول دون أن يصرح بالأمر أن الاسم ليس هو صورة صاحبه، بل مجرد اسم، وليس هو. والتقدم والاشتراكية ليس هو التقدم والاشتراكية.
وحتى في الماضي لم ينجح التقدم والاستراكية أن يكون حزب جماهير شعبية ولا حزب طبقة عاملة كانت قوته ولا تزال في نخبه وفي أطره المكونة وفي أسمائه البارزة وبعد أن انهارت السياسة في المغرب صار هو الآخر يلجأ إلى الأعيان ويملأ التقدم والاشتراكية بهم ويحصل على فريق في البرلمان لو سئلتُ ما هو أهم حزب ليبرالي اجتماعي في المغرب لأجبت دون تردد التقدم والاشتراكية لأن نواته الأصلية والصلبة تتراوح اليوم بين اشتراكيين ديمقراطيين وبين ليبراليين
وقد ساعدتهم نخبويتهم في ذلك وماضيهم اليساري وعلمانيتهم المعلنة وحداثتهم وانسجامهم الإيديولوجي وهم ما لم يتحقق في حزب يساري كبير هو الاتحاد الاشتراكي الذي نشأ كخليط غير منسجم من الوطنيين الشوفينيين والقوميين العرب والسلفيين على الطريقة المغربية واليسار العمالي والطبقة الوسطى والبورجوازية الوطنية وبقدر ما كان هذا الخليط مصدر قوة للاتحاد الاشتراكي صار مع الوقت عائقا أمام تطوره.
ربما عقدة التقدم والاشتراكية غير المعلنة أنهم لك يكن يوما حزبا كبيرا ومؤثرا حتى بين أحزاب اليسار كان الاتحاد الاشتراكي يغطي عليه ويجعله في الظل وكان حتى في ضعفه الأذكى والأكثر واقعية وبراغماتية ويجد الفرصة ليتميز وليقدم أطره ونخبه في الواجهة ولنتذكر كيف ارتمى اليسار المغربي في حضن مساندة صدام حسين ذات زمن
وكان حزب علي يعتة هو الاستثناء وسط يسار يدعم الاحتلال ويدعم دكتاتورا دمويا لم يكن التقدم والاشتراكية شعبويا وكان وزراؤه الأفضل دائما دون جلبة ولا ضجيج إنه أهم حزب ليبرالي اجتماعي في المغرب حزب لم تصنعه السلطة وتطور بشكل طبيعي ومنحنا مفكرين ونخبا وأطرا على عكس الأحزاب الأخرى التي تدعي الليبرالية وترفض الحرية التي تمنحها الليبرالية من كان يظن أن أفضل الليبراليين هم شيوعيون سابقون من كان يعتقد أن ماركس سيصبح يوما ليبراليا في المغرب ومع ذلك نرفض أن نصدق
ونقول عن التقدم والاشتراكية إنهم شيوعيو المغرب ومع ذلك يستمرىء نبيل بنعبدالله اللعبة ويزور الرفاق في موسكو رغم أن لا علاقة صارت تجمع بين الطرفين لقد تطور حزب التقدم والاشتراكية وترك الرفاق في الماضي
حتى أن الحزب الشيوعي الروسي صار اليوم محافظا وهناك من ينعته بالرجعي مادام متشبثا بالحنين وبالسلف الماركسي وبدولة الخلافة التي كان اسمها الاتحاد السوفياتي.