سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دنيا باطما، عثرة صاحب الرحيل. حان الوقت لوأد هذه الأسطورة (باطما) فلا مجال لها في هذا المغرب الذي نريده حداثيا ومنصفا ومساويا بين رجاله ونساءه، ولها أن تنعم بسيارتها وشقتها وناقتها هناك في دبي
كتب العربي باطما في منشوره المعنون بالرحيل، وفي فصل حول الفن ما يلي: "لو كنت أعلم الغيب، لبقيت حارسا للدراجات. أو اشتغلت في السكة الحديد. مكان أبي، انني أقول الآن لنفسي: أما كان الأجدر بي أن أبقى في باديتي الحبيبة لأموت هناك بعيدا عن الأضواء والشهرة ومحاصرة أعين الناس من كل جانب"
أعتقد أنه لو ظل حيا، لتجاوزت رغبته سقف الحلم والترجي، لتنتقل إلى لحظة ندم حقيقية، وقمش للخدين في حركة ندب يرثي به حضه في أنه أخد الفن مهنة، وورطه هذا الأخير في انتساب أعجوبة هذا الزمن المغربي المتخلف، المدعوة دنيا باطما، كي تكون سليلة عائلته، ووريثة ما تركه من صدح الحنجرة يلهب به حماس العشاق الغيوان...
لا نستحق نحن مغاربة هذا الزمن كل هذه المهزلة، أن تخرج من بين ظهراني عائلة باطما، رمز التجديد في رؤية الغناء وفي غناء الرؤيا، من يضرب بعرض الحائط كل ما عاني من أجله الوطن كي يستقيم، ومن جملة من عانوا هناك فرقة الغيوان في شقها الفني، وعائلة الباطما، الذي أنجبت العربي بصوته الجبار وقلمه المبدع..
دنيا الباطما رمز لهذا التراجع الغريب الذي نعيشه، فبعد فشلها في مسابقة وطنية على القناة الثانية، وتعاطف الجمهور المغربي معها بغباء، عادت إلينا بتتويج مشرقي، نكاية في كفاءات البلد، هذا التتويج لعبت فيها أمور أخرى غير الغناء، إذ أن هناك إشاعة عن تجنيد جهات ما، عبر الإغراق في الرسائل الهاتفية، لتمكينها من الفوز، وهي جهات مشرقية ووطنية، ولنا في تصريحها وإهداءها فوزها إلى الملك، وشكرها له كونه صوت لفائدتها، الكثير من الدلالات...
عادت بعد ذلك لإغراق الواجهة ليس بأغانيها ولا بصوتها، لكن بالتغيرات المتتالية على شكلها، إذ أبرزت النهدين وأطالت في حجم المؤخرة، ورتبت شفتها إلى الأعلى، ومنحت وجهها استدارة لم تكن له، كل ذلك إعدادا للجسد كي تقدمه على طبق الشهوة للزوج القادم من على ظهر البعير نحو قاعة تسجيل الألبومات...
أكيد أن الدولة احتفت بهذا المخلوق العجيب، وهي تنظم له استقبال أسطوري لحظة وصوله إلى مطار محمد الخامس، ثم لحظة منحها إشهارا في شركة اتصالات المغرب بملايين السنتيمات، لكن لم تكلف نفسهاعناء تأطيرها، ولا مواكبة سيرورتها، بل أهملتها لأحلامها الطفولية البسيطة، التي لا تتعدى خاتم زواج منقوش عليها اسم الزوج، وسيارة الرونج روفير البيضاء وشقة في دبي... ودون أن تعي الدولة أن صنيعتها هذه بصدد تقويض أكبر مشروع يحسب للعهد الجديد في منجزاته، ولم تطله أيادي التراجع، وهو مدونة الأسرة، بإعلانها قبولها الزواج من رجل متزوج أصلا من امرأة أخري بما صاحب ذلك من مدح لضرتها ومدح قوامته وامتلاء خزائنه المالية وغيرها مما صنفته في باب القدرة...
حان ربما الوقت لوأد هذه الأسطورة، فلا مجال لها في هذا المغرب الذي نريده حداثيا ومنصفا ومساويا بين رجاله ونساءه، ولها أن تنعم بسيارتها وشقتها وناقتها هناك في دبي... الدولة كفيلة بذلك، إن هي أرادت رد الاعتبار لما يشكل ثورتها في مسيرة التحديث....
العزاء لعائلة الباطما... الإعتذار، كل الاعتذار لصاحب كتاب الرحيل، لم نرث بعدك وطنا يشبهك.