اكتشفت الحكومة، فجأة أن السمطة في المغرب «مرخوفة»، وأنه آن الآوان لكي نحزمها جيدا، ونزيرها بقوة. فالشعوب التي لا تزير سمطتها، تفقد في الغالب سمعتها. وإلا سنغني لها « قفطانك محلول اللالا..». وعندما يكون أول وزير يدعو، والعهدة على الصحافة إلى «تزيار السمطة»، هو امحند العنصر، فإن شيئا ما يهتز في الذهن، فوزير الداخلية قد لا يتحدث عن السمطة بمعناها الاستعاري، الذي نقوله عادة عندما يتعلق الأمر بتوقعات التقشف، والتخلي عن متمنيات الرفاهية وتوقع «الوقت حامض.
ولولا معرفتي بطيبوبة الرجل وميله إلى الحوار بالحسنى، لقلت إنه يعدنا بسمطة مزيرة مزيان. وسيزير الوقت معنا. لكن الرجل كان له الشرف في أن يرفع غشاوة التصريحات التطمينية عن عيون الحكومة التي ينتمي إليها، وقال للمغاربة ما يجب أن يسمعوه من حقائق. والسمطة التي يعنيها هنا، ولا شك، ستصيب البلاد كلها.
لقد انتهت أغنية الفريق الأغلبي «أنا وحدي نضوي البلاد»، وصار عليه أن يستبدل اللازمة بلازمة تليق بالمقام «أنا وحدي نزير لبلاد».
والقرائن الاقتصادية بدأت اليوم تخرج من فم الأغلبية قبل المعارضة.
فقد قرأ المغاربة البيان الشديد اللهجة الذي أصدرته اللجنة المركزية للحزب الثاني في الحكومة، حزب الاستقلال، والذي اعتبر المس بالقدرة الشرائية خطا أحمر. وعلى كل، حتى ولو كنت من الناس الذين لا يقبلون بأن تكون الحكومة معارضة لنفسها (وفي هذا كان السباق هو الفريق النيابي لرئيس الحكومة)، واعتبر أن الشجاعة والمسؤولية تتطلب أن يكون الإنسان في موقع من يقدم الحساب أو النصح في أضعف الإيمان، فإن الحليف لم يعد يخبي ما سيقع. ويدق من الآن الناقوس، قبل أن يحرك وزير الداخلية سمطته ويفرقعها في الهواء الحكومي.
والواقع أن المؤشرات التي بدأت تظهر، تبين بأننا مقدمون على وقت صعب للغاية، ومن ذلك أن المغاربة سيفاجؤون قريبا بأسعار غير الأسعار التي كانوا يقتنون بها المواد الرئيسية أو بعضها، وهو ما يسميه طلبة الاقتصاد بتحرير الأسعار، ويتوقع الاقتصاديون وخبراء صندوق النقد الدولي أن يتم التقليص من ميزانية الاستثمارات بما يقارب 12 مليار درهم، لتضخ في صندوق المقاصة، وستزير الحكومة سمطتنا الجماعية عندما ستراجع قانون المالية 2012، ولم تمر على المصادقة عليه أكثر من شهور ثلاثة!!
وكل ذلك، لأن الحكومة لم تخبر المغاربة، الذين تعدهم بسمطات مزيرة بأنها اختارت الرضوخ لصندوق النقد الدولي، والذي يطالبها بتقليص العجز الذي بلغ أوجه معها. والذين تابعوا تصريحات والي بنك المغرب، السيد عبد اللطيف الجواهري سمعوه وهو يردد على أسماع الحكومة ( قفطانك محلول اللا... ، هاذا عربون با ش جيتك، وافين الشيك اللي عطيتك. ) وقال لهم بالعين الحمرا: لن تستطيعوا تخفيض العجز، أما صندوق المقاصة، الذي أردتم تعويضه فلن تصلحوه كما قلتم بدون زعزعة استقرار البلاد.
الحكومة لم تعد تريد شيئا آخر غير تزيار السمطة. وعوض أن يزير السيد بنكيران لسانو شي شوية، ويتوقف عن التهديد بالشارع وبالإصلاحات الجريئة، عليه فقط أن يقول للمغاربة ««واخوتي المغاربة القضية غادي تحماض».