ما هي آليات مراقبة عمل الوزراء، لا أعني هنا سياساتهم التي يتولى نظريا نواب الأمة مراقبتها من خلال البرلمان، عبر المساءلة والانتقاد، ولا الجنائية التي يتكفل بها القضاء عبر النيابة العامة والمحاكم، لكنني أعني هنا بعض السلوكيات التي تصدر عنهم ويُسمح لها بالمرور لأنها تنبع من صميم سلطتهم؟ ما كان الوفا ليجرؤ على وضع الصفرين تنقيطا لخط المعلمة في إحدى مدارس نيابة العرائش، لو لم يكن وزيراً... ومن سوء حظ المغاربة أنه الوزير الذي لا علاقة له بمجال التعليم، فلا هو كان معلما ولا إطارا تربويا مهتما بالتفتيش أو التوجيه، ولا مسؤولا بأحد أقسام الوزارة وله اختصاصات تربوية، بعد سبات طويل في إحدى سفارات المغرب المنسية، تم استقدامه في إطار التسويات العائلية في حزب الاستقلال لينصبوه وزيرا للتعليم...
لن يكترث أحد بما سيقع للمعلمة، حالتها النفسية في مواجهة التلاميذ وأوليائهم، وفي مواجهة زملاءها وغيرهم من أطر التعليم القريبين منها...
الأكثر رفقا بها، سيواسيها... وسيقول لها يجب عدم الاهتمام بسلوكه، وإغماض العين عنها... لن يأخذ أحد بعين الاعتبار الصفرين اللذين خطهما بيديه، وبالتالي عليها أن تنسى الأمر كله...
سيذكرونها بواقعة التلميذة التي أمرها بالمكوث في المنزل من أجل الزواج، وبواقعة السيد "المدير وصاحبتو" وغيرها من الفضائح التي أصبحت مُؤَسِسَة للخط العام السلوكي المشين للسيد الوزير...
لن يجادل أحد في أنه سلوك مستهتر، ولن يجد أحد ذريعة للسيد الموظف العمومي المكلف بمهزلة التعليم مبرراً لسلوكه، لكن لا أحد يستطيع أن يقترح آلية معينة لمحاسبته على هذا السلوك...
قد يكون خط المعلمة قبيح وغير صالح لتدريس التلاميذ، قد تكون أسوأ من هذا في مجالات أخرى غير الخط، وقد ينتبه السيد الوزير لذلك، كل هذا لا يعطيه الحق في ما مارسه اتجاهها... هناك طرق ومساطر يختلط فيها الإداري والتربوي، تمكنه من تفعيل ملاحظاته...
وحدهم مفتشوا التعليم من لهم الحق في وضع نقط لتقييم أداء رجل تعليم ما، ويتم ذلك وفق مساطر محددة وتقاليد مرعية بنيت عبر تاريخ تطور مهنة التعليم في المغرب بشكل خاص، وفي العالم بشكل عام... ومن بين هذه التقاليد، التي أخذت شكل القاعدة والقانون، أن يتم ذلك بشكل انفرادي وشخصي، ليس أمام أي غريب حتى لو كان منتسبا للمؤسسة ( مدير أو إطار تربوي)، وأساساً ليس أمام التلاميذ... وفي حدود علمي المتواضع، لا أعتقد أن هناك نقط التي تبتدئ من الصفر وتنتهي بالعشرين، خاصة بالخط...
المعلم غير مطالب بخط جميل يروق للسيد الوزير، هو مطالب بخط واضح يكون أداة لتعليم الصغار...
مثال على السلوك الذي لن يجد له طريقا للمحاسبة، لكنه سيحفر في نفسية المعلمة، وربما منتسبين آخرين إلى التعليم أخدودا من "الحكرة"، ستكون لها بالضرورة عواقب وخيمة على أداءها وأداءهم... وهو شعور ينمو بشكل جماعي، ومن خلال عملية تشبيك معقدة، ليمس كل أطر التعليم...
هي ذات "الحكرة" التي تؤدي إلى ردود أفعال لا تحمد عواقبها، تنفجر هنا وهناك في شكل انتحار أو أشكال عنف بترتيبات كبيرة، يظل الندم على السلوك الذي كان سببها غير مجد ويظل الرجوع إلى مرحلة ما قبل تنقيط المعلمة غير ممكن ومستحيل...