مراكش.. التحقيق مع عميد شرطة بتهمة الابتزاز وطلب مبلغ مالي على سبيل الرشوة    لبؤات الأطلس يفُزن على غانا وديا    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    الكيحل نائبا لرئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط ورئيسا للجنة التعاون السياسي والأمني    البطولة: بتسعة لاعبين... المغرب الفاسي يكبد شباب المحمدية الهزيمة 18 هذا الموسم ويقربه من مغادرة القسم الأول صوب الثاني    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    باحثون مغاربة يحصلون على جائزة منظمة العمل العربية لاختراع نظام ل "تأمين الوثائق عن طريق الهوية الرقمية"    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    مصرع شابة وإصابة اثنتين في حادثة سير مروعة بمدخل الناظور    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    رؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية يؤكدون بالرباط رفضهم القاطع وإدانتهم «لكل مظاهر الانفصال ومدبريه ومنفذيه»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    مواجهات بين كبار أوروبا أفرزتها قرعة الدوري الأوروبي    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    للمرة الثانية في أقل من شهر.. المغرب يرفض دخول برلمانيين أوروبيين داعمين لجبهة البوليساريو    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    مصرع ستيني في حادث سير بطنجة بعد تعرضه للدهس    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    مضمار "دونور".. كلايبي يوضح:"المضمار الذي سيحيط بالملعب سيكون باللون الأزرق"    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    "بيت الشعر" يقدّم 18 منشورا جديدا    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    إطلاق النسخة التاسعة للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    سينما المغرب في مهرجان برلين    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة، الثورة المؤجلة.. كانت انتفاضات 2011 انتفاضات شعبية بتأطير ديمقراطي ضعيف، أو أحيانا غائب في بعض البلدان، وبعقليات لم تنضج بعدُ من أجل التغيير
نشر في كود يوم 04 - 01 - 2024

شهدت منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط انتفاضات سميت "ثورات" سنة 2011، كما سميت "ربيعا"، دون أن تؤدي لما ينبغي أن تؤدي إليه الثورة من تغيير جذري، بل على العكس تماما، فالدول التي كانت سباقة إلى الانتفاضات و"الحراك" الشعبي تراجعت خطوات واسعة إلى الوراء على جميع الأصعدة، وما زالت تتواجد حتى اليوم في أوضاع سيئة، ما جعل الربيع خريفا، والثورة نكوصا، فما الذي جرى تحديدا ؟
كانت انتفاضات 2011 انتفاضات شعبية بتأطير ديمقراطي ضعيف، أو أحيانا غائب في بعض البلدان، وبعقليات لم تنضج بعدُ من أجل التغيير بسبب سياسات الأنظمة التي حرصت على عدم السماح بتطور نسبة الوعي في الاتجاه الصحيح، كما عملت على خلق تيار مجتمعي ضدّ الإصلاح، علاوة على أنّ الكثير من الحشود التي خرجت إلى الشارع كانت تريد التخلص من بعض الوجوه دون أن تعرف تحديدا ما ستفعله بعد ذلك، وهذا يعني أن الثورة الحقيقية إنما ينبغي أن تحدث قبل الشارع في العقول والذهنيات، بتغيير أسلوب التفكير لدى الأغلبية وخلق تيار مجتمعي مهيأ للتغيير الشامل والنهضة الحقيقية، وهذه العملية بحاجة إلى شروط ثلاثة:
نظام تربوي يضع الإنسان في مركز اهتمامه، ويعمل على بناء الوعي المواطن وصقل الشعور الوطني عبر التربية على الحرية والمبادرة والإبداع وحُب الوطن، وعلى النزعة الإنسية المنفتحة على العالم ومكتسبات العصر.
تأطير يومي عبر وسائل الإعلام وكل قنوات التواصل الرسمية وغير الرسمية من أجل جعل المواطن مستوعبا لمشاريع الدولة وبرامجها، ومنخرطا فيها ومشاركا بدينامية ترفع من إنتاجيته، وتجعله يشعر بطمأنينة اجتماعية وبقدر من السعادة، وبأثر عمله على وضعية البلد وتطوره.
تخليص المواطنين منذ الطفولة من كل سلبيات التراث القديم التي تُعطاها للأسف الأولوية وتتمّ إشاعتها بدل كل القيم النبيلة والبناءة. وجعل معيار النظام القيمي هو الحرية والمسؤولية والمساواة على قاعدة المواطنة، وإلغاء كل أنواع التمييز بسبب العقيدة أو اللون أو اللسان أو العرق أو النسب العائلي.
هذه الإجراءات لا يمكن أن تنجح فعليا إذا لم يتم إنجاز خطوات سياسية أخرى على أعلى مستوى، من أجل تفكيك عوامل الجمود والنكوص المتمثلة في:
الطابع المزدوج للدولة السلطوية، التي تعيش ارتباكا يوميا بين تقليدانية متجذرة وعصرانية سطحية.
التمركز المفرط لنموذج الدولة الوطنية التقليدي، على حساب الهوامش المنسية التي تضم أغلبية السكان.
غلبة التاكتيك الظرفي الضيق وغياب استراتيجية واضحة للتنمية والدمقرطة على المدى الطويل.
تكريس استعمال الدين في المجال السياسي (وبمنظور تراثي) كأحد أسس الشرعية، في غياب الشرعية الديمقراطية القائمة على فصل السلطات واحترام الحريات والمساواة التامة بين الجنسين وسمو القانون فوق الجميع.
وجود فساد بنيوي في مختلف هياكل الدولة ومؤسساتها والذي سرعان ما تحول إلى ثقافة وذهنية سائدة في المجتمع تعرقل كل تطور ديمقراطي.
ضيق وتناقض الإطار القانوني بسبب الطابع المزدوج للدولة، وجمود العقل المشرّع أو نكوصه، ورعاية نظام اجتماعي متخلف.
تراجع الأحزاب السياسية وتخليها عن دورها في التأطير وحمل مشعل التغيير، وذلك بسبب إنهاك السلطة لها، وضعف القوى المدنية الضاغطة وتشرذمها.
ارتباط المنظومة التربوية بالحسابات الظرفية للسلطة ورهاناتها التاكتيكية عوض اعتبارها ورشا وطنيا لبناء الإنسان المواطن.
تضخم الشعارات وتراجع الممارسات، حيث توجد دائما هوة كبيرة بين التزامات الدولة وممارستها الفعلية وأسلوب اشتغالها.
تراجع دور المثقفين وضمور الفكر السياسي.
تراجع القيم التي تجمع بين أبناء المجتمع الواحد وخاصة الشعور بالانتماء إلى الوطن المشترك.
إن هذه العوائق المستحكمة نجدها في مختلف بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط بدرجات متفاوتة، ونرى بأن التطور الديمقراطي بحاجة إلى تداركها عبر التمكين الفعلي للسير العادي للمؤسسات، وتوفير مرتكزات المواطنة والحكامة وفصل السلطات والتوزيع العادل للثروة.
ومن شأن القيام بهذه المهام الإصلاحية الجوهرية خلق ثقافة جديدة مؤطرة لتيار مجتمعي أغلبي مختلف تماما عن التيار الغالب في الظروف الراهنة، والذي هو تيار مضاد للتغيير والإصلاح، وهذا ما يمكن تسميته ب"الثورة الثقافية" التي ظلت إلى اليوم مؤجلة، تاركة المجال لانتفاضات سياسية واجتماعية شكلية لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والتراجع.
ويعني هذا أن زعزعة الاستقرار الموجود وأسس الدولة بدون تأهيل المجتمع وخلق نسبة من الوعي الديمقراطي لدى الأغلبية، مع وجود نخب وطنية فاعلة ومؤثرة، إنما يؤدي حتما إلى هدم دون بناء أي بديل حقيقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.