رسالة إلى الوزير تحية طيبة وبعد، تابعت، بكثير من الاهتمام، ردود فعلك بخصوص الملف الذي خصصناه لك في العدد السابق من مجلة "الآن" التي بين يديك. ولا أخفيك أنني ذهلت من حجم الأثر الذي خلفه نشر معطيات حول مشوارك الدراسي على شخصك، حتى أفقدك دبلوماسية الوزير والمسؤول السياسي، وظهر ذلك جليا في تصريحاتك الصحفية الأخيرة. سيدي الوزير، إن أكثر ما آلمني في كل السباب والشتم، الذي وجهته إلى شخصي وإلى الطاقم الشاب لهذه المجلة الفتية، ما كتبته على حائطك الفايسبوكي حين قلت «موعدنا في المحكمة، كنت أنتظر هذه الفرصة منذ مدة..». هل تعرف ما معنى أن تشعر بأن هناك مسؤولا سياسيا من رتبة وزير ينتظر هفوة منك أو خطأ أو زلة لينقض عليك ويفترسك؟ دعني أصف لك قليلا بعضا من مشاعري حالما قرأت موقفك ذاك على صفحتك الفايسبوكية، ويا ليتك لم تتسرع وتعبر عنه. شعرت بخجل الانتماء إلى وطن تنتمي أنت أيضا إليه. لا تستعجل، فينبغي أن تتروى قليلا، سأفسر لك الأمر أكثر. أنا مجرد صحافي، أشتغل في هامش حرية ضيق كحقل ألغام أينما وضعت رجلك قد تنفجر وينفجر كل ما حولك. حين أقف أمام القضاء، قانون بلدي يلزمني بأن أثبت أن ما كتبته صحيح لا أن تثبت أنت ما تدعيه؛ أنا الحلقة الأضعف، أنا الحائط القصير جدا. دعني، أرجوك، وأشكو لك بعضا من همي.. هل تعرف أنه حكم علي قبل سنة تقريبا بشهرين سجنا مع وقف التنفيذ؟ تعلم بكل تأكيد، أنني استأنفته، ولغاية اليوم لم يتم تحديد جلسة استئناف حتى أدافع عن نفسي وأثبت أنني على حق وأنني لم أقم بالإساءة إلى زميلك، عبد القادر اعمارة. وأنت، بصفتك وزيرا، مسؤولا سياسيا، في كتفيك حزب سياسي يحميك من مختلف الأخطار، والقانون يحميك وخصص لك محاكم خاصة بك، إذ لا يجرؤ أحد على النبش في ملفاتك. ألم يقم حزبك بتقريع زميل صحافي أمام زملائه بشكل فيه الكثير من الإهانة له ولمهنته؟ لا بأس سيدي، فأبناء عبدالواحد ليسوا كلهم واحدا يا سيدي. بكل القوة التي تتمتع بها وبكل الحماية التي تمتلكها، كنت تنتظرني أنا الضعيف أن أقع في الهفوة لتنقض علي؟. كنت أعرف أن مجلة «الآن» تزعج كثيرا، ولم أدرك أن جرأتها تقض مضجعك، أنت بالخصوص، إلا بعد اعترافك بذلك وأنت في حالة هيجان لم أشهد لها مثيلا من قبل. كيف تطلب مني أن أتقاسم معك هذا الوطن وقلبك يكن لي كل ذاك الحقد، الذي عبرت عنه طيلة الأسبوع الماضي؟ بالله عليك، اختر بنفسك العقاب الذي تريده لي، هل تريدني في السجن أم أهجر بلدي، مثلما فعل الآخرون، وأترك لك الجمل بما حمل؟ سيدي العزيز، أنا أشفق عليك، لأننا في مجلة «الآن» لم نخطئ في حقك. لقد كتبنا أسود على أبيض أنك حاصل فعلا على الدكتوراه، لكننا قلنا إننا لم نعثر على شهادة الدراسات العليا أو الماستر التي خولتك التسجيل في الدكتوراه. في نهج سيرتك بعض «البياضات»، كان لزاما على المرء أن يتفحصها، أن يعرف لِم تمهل أوزين ثلاث سنوات، بعدما تسلم دبلوم الدراسات العليا، كي يسجل نفسه في سلك الدكتوراه، ولِم سجل نفسه هناك، وذهب يطلب «ماستر» في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. لماذا هذه الفراغات بين الأعوام؟ كان يجب أن نبحث إذن. هل تعرف أن برنامج الزائر الدولي (IVLP) الذي شاركت فيه، وقلت في نهج سيرتك الموجود في الموقع الرسمي للوزارة، إنك خريجه، بدون استحياء، هل تعرف أن هذا العبد الضعيف شارك في إحدى دورات البرنامج نفسه؟ وإن أردت سأطلعك على لائحة كبيرة من الأصدقاء الذين شاركوا فيه، لكنهم لن يسمحوا لأنفسهم بأن يقولوا بأنهم «خريجو» البرنامج، لأن الأمر يتعلق فقط ب«شهادة مشاركة» تسلم لك عند انقضاء فترة التكوين التي لا تتجاوز في غالب الأحيان شهرا واحدا. هل رأيت؟ إننا لم نخطئ عندما قلنا إنك تدعي فقط ولا تقول الحقيقة. عذرك كان أقبح بكثير من الزلة وأنت تقول للمغاربة إنك حاصل على «ماستر مُصغر» حصلت عليه في ظرف ثلاثة أشهر... ولنأعلّق على هذه النقطة بالتحديد، فجزء كبير من المغاربة علقوا عليها بطريقتهم الخاصة. دعني أذكرك ببعض ما جدت به علي من سباب وشتيمة طيلة الأسبوع الماضي، لأنك قد تكون نسيته بفعل الصدمة. قلت عني إني قلم مأجور ورميت بالكذب كل الطاقم الشاب لهذه المجلة، وعبرت بلغة تخلو من اللباقة عن غضبك وأنت تقسم بأغلظ الأيمان «والله ما نزكلهم». بالله عليك، هل بدرت مني وسط تصريحاتك عبارات تشتمك أو تسب نسبك وتشكك في ذمتك؟ بكل تأكيد لن تجد كلمة واحدة من هذا المعجم البئيس، الدخيل على حياة وطني السياسية. لا تقلق، فإني لا أحمل لك غلا ولا حقدا، فأنت الوزير وأنا الصحافي؛ أنا لست صديقك ولا عدوك، وحدود العلاقة بينك وبيني هي القانون وتمغربيت لا غير. سي أوزين، أقسم لك أن أنشر لك تكذيبا على غلاف مجلة «الآن» وبصورة تختارها بنفسك. وأزيد على نشر التكذيب افتتاحية أعتذر لك فيها، بكل روح رياضية، فقط هات برهانك واشرح لنا وللمغاربة بالوثائق قصة الفراغ ما بين حصولك على الإجازة والدكتوراه. هذا كل ما أطلبه منك، وأعدك، والقراء شهود، أن أنشر تكذيبا في غلاف «الآن» مع افتتاحية اعتذار لك ولجميع من مس في كرامته جراء التحقيق الذي نشرته «الآن». وكي لا أنسى قصة الكاريكاتور التي أزعجتك، دعني أقول لك إن في فرنسا، مثلا، يعتبرون أن من لا يتوفر على دمية في «لي غينيول»، على قناة «كنال بلوس»، لم يصل بعد مرحلة الشخصية العمومية المؤثرة. مكانك، كنت سأفخر بالكاريكاتور، لا سيما وأنك بدوت بريشة الكاريكاتوريست «يوز» أكثر وسامة وتأنقا. أنتظرك، فلتَسمُ بالنقاش فوق لغة الشتم والوعيد...