نظم المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب ببني ملال يوم الأربعاء 23 ماي 2012 ابتداء من الساعة الرابعة ونصف بعد الزوال مائدة مستديرة حول موضوع "القاضي وإصلاح منظومة العدالة" وذلك بمقر محكمة الاستئناف ببني ملال. وهي الندوة التي عرفت حضورا لعدد كبير من القضاة بالدائرة الاستئنافية ببني ملال. استهلت أشغال المائدة المستديرة بكلمة للسيد رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب ببني ملال الأستاذ سعيد حثمان الذي أكد أن الهدف من تنظيم هذا اللقاء هو محاولة تجميع آراء السيدات والسادة القضاة بخصوص إصلاح منظومة العدالة، ووضع ملف مطلبي متكامل يتم تقديمه إلى الجهات المعنية في إطار الجهود التي يبذلها نادي قضاة المغرب، الذي أعلن عن انخراطه في الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، مؤكدا أن المكتب الجهوي ببني ملال يستعد لتنظيم لقاءات موسعة مع كل مكونات العدالة لتقديم اقتراحات وتصورات المهنيين بخصوص مشاريع الإصلاح. ثم تناولت الكلمة السيدة نائبة رئيس المكتب الجهوي الأستاذة عائشة العازم المستشارة بمحكمة الاستئناف ببني ملال التي اعتبرت أن اللقاء فرصة لسماع صوت القضاة الذين ظلوا فترة طويلة غائبين ومغيبين عن كل مشاريع إصلاح منظومة العدالة، ولعل ذلك السبب الحقيقي وراء فشل كل المشاريع السابقة التي لم تأخذ بعين الاعتبار تطلعات القضاة والمهنيين المعنيين بالأمر. وأكد الأستاذ هشام شعيرة الكاتب العام للمكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب ببني ملال أن نادي قضاة المغرب كان سباقا لوضع تصوراته بخصوص آفاق إصلاح منظومة العدالة ببلادنا من خلال نص التوصيات التي خلصت إليها الدورة الأولى لمجلسه الوطني المنعقد يومي 26 و27 نونبر 2011 بالمعهد العالي للقضاء، وهي نفس التوصيات التي تمت مناقشتها مع السادة القضاة وطنيا وجهويا من خلال سلسلة الندوات التي نظمها نادي قضاة المغرب عبر كل ربوع المملكة، والتي أكدت على ضرورة تعزيز ضمانات استقلالية السلطة القضائية، مذكرا بأن الدورة الثانية للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب أضافت مطلبا ملحا وهو ضرورة الاعتراف باستقلالية قضاة النيابة العامة عن وزارة العدل، بوصفها مدخلا رئيسيا لاستقلالية القضاء. واعتبر الأستاذ محمد الريطب أمين المال بالمكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب ببني ملال أن إصلاح منظومة العدالة رهين بمدى الاستجابة لتطلعات كل المتدخلين في هذا الصدد، ومن بينهم القضاة الذين عبروا عن موقفهم ومطالبهم من خلال توصيات الدورة الأولى للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، ومن أهمها ضرورة التعجيل بتحسين الوضعية الاجتماعية والمادية للقضاة، بأثر رجعي ابتداء من تاريخ 20/08/2009، والحرص على تسهيل الولوج لخدمات المؤسسة المحمدية للقضاة وموظفي العدل مع توسيع نطاقها والرفع من جودة خدماتها والاهتمام بتحسين ظروف الاشتغال بالمحاكم ومراكز القضاة المقيمين مع توفير الوسائل المادية واللوجستكية الكفيلة بأداء القضاة لمهامهم على أحسن وجه. وأضافت الأستاذة الهام مفتاح المكلفة بالشؤون الاجتماعية بالمكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب ببني ملال عدة مقترحات تدعيما للجهود الرامية للإصلاح أهمها تقوية دور المجلس الأعلى للسلطة القضائية على مستوى الإشراف على الحياة المهنية للقضاة وإخضاع طريقة عمله لقواعد تضمن الشفافية والمساواة بين جميع القضاة. و أكد الأستاذ الرافة وتاب عضو نادي قضاة المغرب أن المدخل الحقيقي لإصلاح منظومة العدالة ينطلق من المقاربة التشاركية باشراك جميع الفعاليات الحقيقية المتدخلة في هذا المجال، مؤكدا بأن الدستور وحده غير كفيل بضمان سلطة قضائية مستقلة ما لم تعمد القوانين التنظيمية إلى التنزيل الفعال والمسؤول للمقتضيات الدستورية. وأكدت الأستاذة حكيمة طارقي عضوة نادي قضاة المغرب أن الخطوة الأولى في الإصلاح يجب أن تنطلق من تحقيق كرامة القضاة أولا وقبل كل شيء، وإعادة الاعتبار لهم إذ أن القضاة أصبحوا في الوقت الحالي الحلقة الأضعف في منظومة العدالة. واعتبرت الأستاذة زهرة بيبي عضوة المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب ببني ملال أن الأوضاع المادية والاجتماعية للقضاة أضحت مزرية، وهو ما جعلها محل عناية خاصة من طرف الخطاب الملكي التاريخي لجلالة الملك محمد السادس بتاريخ 20/08/2009، الذي أعطى تعليماته بضرورة التعجيل بتحسين الأوضاع المادية للقضاة وموظفي وزارة العدل، إلا أن الحكومة استجابت فقط للشق المتعلق بموظفي وزارة العدل وأهملت القضاة. الشيء الذي اضطر قضاة المملكة لخوض أشكال احتجاجية غير مسبوقة. واعتبر الأستاذ أنس سعدون عضو نادي قضاة المغرب بأزيلال أن اصلاح العدالة يتطلب اعادة الثقة ليس للمواطنين في جهاز القضاء فحسب، وإنما اعادة الثقة للقضاة في أنفسهم أيضا، وإعادة الاعتبار لهم وتحقيق كرامتهم... إذ لا يمكن الاكتفاء بالتنصيص على كون القضاء سلطة وأغلب القضاة حقوقهم مهضومة منذ اليوم الأول لالتحاقهم بعملهم... وأضاف قائلا: "هناك خطوات كثيرة لا تحتاج الى ميزانيات بقدر ما تحتاج فقط لإرادة وعزيمة للإصلاح أهمها وضع معايير شفافة واضحة تؤطر عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية واحترام الضمانات المخولة للقضاة في النصوص الموجودة على أرض الواقع واقرار نظام أساسي جديد للقضاة محفز وبناء... وتكريم القضاة والرفع من معنوياتهم... وأظن أن تمكين القضاة من ظهائر تعيينهم، ومعاملتم بالشكل الذي يليق بهم بوصفهم سلطة في هذه الدولة كفيل باعادة شيء من الاعتبار لهم.." . وركزت باقي المداخلات المقدمة من خلال أشغال هذه المائدة المستديرة على وجود مطالب مستعجلة وملحة ترتبط بالتشريعات والقوانين المتعلقة بالسلطة القضائية، و بظروف العمل وبالنجاعة القضائية وبصيانة كرامة القضاة وتحصينهم ماديا واجتماعيا. أنس سعدون: نادي قضاة المغرب