مثل غيري من المواطنين المغاربة ، تابعت من خلال مختلف وسائل الإعلام نبأ الحادث المؤسف الذي راح ضحيته السيد عبد الله باها ، رحمه الله . ولقد تأثرت كثيرا لتلك الطريقة المأساوية التي غادرنا بها شهرا بعد الرحيل المفاجئ والمفجع كذلك لصديقه المرحوم أحمد الزايدي . ولقد شاءت الأقدار الإلهية أن يكون رحيلهما في نفس المكان وكأن عمق الصداقة والاحترام الذي جمعهما حيين أبى إلا أن يجمعهما ميتين ، وذلك على الرغم من اختلاف مشاربهما الفكرية والسياسية .فالإنسان الصادق يَعتبر أخاه الإنسان من خلال شيمه وأخلاقه ومواقفه قبل أي شيء آخر . إن ما أعرفه عن الراحل عبد الله باها ، هو فقط من خلال ما يقال عنه أكثر مما قاله هو نفسه في حياته رحمه الله . ومما زاد من احترامي له هو إجماع " خصومه " قبل أصدقائه على أن الرجل صادق وكتوم وذو ثقافة واسعة مكنته من أن يكون من طينة السياسيين المتفتحين الذين يقبلون الحوار مع من يخالفهم الرأي دون تشنج أو رغبة في المصادرة . ناهيك عن حبه العميق لوطنه وإخلاصه لكل مهامه التي كان يؤديها بكل إتقان ونكرات للذات . وليست هناك أبلغ من رسالة التعزية التي وجهها الملك محمد السادس إلى أسره الراحل ، والتي اعتبر فيها أن رحيل المرحوم هو خسارة شخصية لجلالته وللمغرب عموما .ناهيك عن شهادة كل من اشتغل إلى جانبه من إخوانه في الحزب أو البرلمان أو الحكومة . وهو ما عبرت عنه مراسيم الجنازة التي توحدت فيها جميع أطياف المجتمع المغربي برموزها السياسية والفكرية والدينية والشعبية . فليرحمك الله يا السي عبد الله باها ويسكنك فسيح جناته مع الصديقين والصالحين والشهداء وليجعل رحيلك هذا ، مناسبة للمغاربة جميعا من أجل مراجعة أنفسهم ، وخصوصا السياسيين والمتدخلين في الشأن العام حتى يأخذوا الدرس ويتركوا المصالح الخاصة وينتبهوا إلى مسؤوليتهم الجسيمة أمام الله والوطن. فلا غالب إلا الله والبقاء للعمل الصالح فقط أما غير ذلك فلن يذكره أحد .