إن حرمان ساكنة حي الإنارة بسوق السبت أولاد النمة من أبسط حقوقها و خصوصا من خدمات الصرف الصحي يعتبر خرقا سافرا لمبادئ حقوق الإنسان و انتهاكا صارخا لكرامة هذا الإنسان، فاحترام الكرامة الإنسانية هو المدخل الأساسي لتأسيس مجتمع قوامه الحرية و العدالة و المساواة، فأي ضرب لهذه الكرامة هو انتقاص من قيمة الإنسان الذي اختصه الله عز و جل بأن كرمه و فضله و شرفه و جعل له شأنا ليس لباقي الكائنات، فليعلم الجميع أن الله سبحانه و تعالى طرد إبليس من جنته و رحمته لأنه رفض الاعتراف بكرامة الإنسان عندما تكبر و أبى أن يسجد لآدم. فمن حق أي مواطن أن ينعم بحقوقه الطبيعية كاملة و أهمها العيش في كرامة، و تأسيسا على ذلك فتهميش حي الإنارة و حرمانه من أبسط حقوقه هو تطاول على كرامة ساكنته و استصغار و استعباد لها، و زج بها في ظلمات البؤس و الحزن و الشقاء، فلا سعادة بدون كرامة كما يقال. فحي الإنارة ظل لسنوات طوال يعاني من كل أشكال التهميش و الإقصاء من لدن كل المجالس التي تعاقبت على تسيير الشأن المحلي لمدينة سوق السبت، و مما يثير الكثير من التساؤلات هو أن هذا التهميش المتعمد و المقصود يتم أحيانا لحساب أحياء حديثة النشأة، فمن حق كل أحياء المدينة أن تنال نصيبها من العناية و الاهتمام على قدم المساواة دون تمييز أو تفريق، فهذا الحي هو من أقدم الأحياء، إلا أنه يفتقر لأبسط ظروف العيش الكريم، فقد ظل مقصيا من البرامج و المخططات و السياسات التنموية للمدينة، و مما يحز في نفوسنا و يشعرنا بالمهانة و الاحتقار،هو عدم وجود مخاطب رسمي كأن هذا الحي وجد في جزيرة ما او انه ليس ضمن المجال الحضري للمدينة ان صح ذلك. ان غياب قنوات الصرف الصحي جعل الحي فضاء مناسبا و خصبا لانتشار المياه الملوثة في كل مكان، كما أنه دفع فئة عريضة من ساكنة الحي إلى التبول في الخلاء و قرب المنازل و التغوط في أكياس بلاستيكية و رميها في أماكن قريبة من الحي، و كل هذا أدى إلى خلق محيط بيئي كارثي يجعل الساكنة خصوصا الأطفال عرضة للأمراض و الأوبئة. و لأنها تؤمن بثقافة الحوار كأداة فعالة لحل كل المشاكل، فقد قامت ساكنة الحي بطرق باب المجلس البلدي، إلا أن هذا الأخير ظل يراوغ و يتماطل و يتملص و يقدم وعودا كاذبة جاعلا من القضية مسألة انتخابية بامتياز، الأمر الذي جعل ساكنة الحي تشعر بأن المجلس البلدي في شخص رئيسه و من والاه هو في حقيقة الأمر بصدد تصفية حسابات مع ساكنة الحي لأسباب سياسوية ضيقة، و أمام تعنت و سوء نية هذا المجلس، تم اللجوء إلى السيد عامل إقليم الفقيه بن صالح، و ذلك بتقديم شكايات حول الموضوع و القيام بزيارات متكررة للعمالة لشرح الوضع الكارثي للحي و دعوة السيد العامل للتدخل السريع لإنصاف ساكنته، و قد تم تعيين لجنة خاصة قامت بزيارة الحي و معاينة مشاكله عن قرب، و قد استبشرنا خيرا بهذه الزيارة لنكتشف فيما بعد أن دار لقمان و ابن لقمان لابد أن تبقى على حالها، لا شيء تغير، مما اضطر معه السكان إلى الخروج إلى الشارع من خلال وقفات احتجاجية سلمية كانت آخرها يوم الاثنين 8 شتنبر 2014 أمام مقر المجلس البلدي، حاملة شعارات تطالب برفع التهميش و الإقصاء عن الحي و بضرورة مساواته مع باقي أحياء المدينة. و في الأخير، لا يسعنا إلا أن نقول حسبنا الله و نعم الوكيل و لا حول و لا قوة إلا بالله، و نطالب مجددا كل الجهات المسؤولة وطنيا و جهويا و إقليميا و محليا بالتدخل العاجل لرفع الظلم و التهميش و الإقصاء عن هذا الحي، و توفير أبسط الشروط الإنسانية التي تحفظ كرامة و آدمية سكانه و تصون حقوقهم الأساسية التي يضمنها القانون، و أهم هذه الحقوق العيش في كرامة، و لا نظن بأن من يتغوط في كيس بلاستيكي في القرن الواحد و العشرين يملك هذه الكرامة