بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أخواتي العاملات، إخواني العمال، يطيب لي في البداية، ونحن نحتفل مع شعوب العالم بعيد الشغل، أن أتقدم إلى عموم الشغيلة المغربية بأصدق التهاني بمناسبة احتفالها بعيدها الأممي، الذي يتزامن مع فاتح ماي من كل سنة، باعتبارها محطة أساسية لجرد وتقييم مختلف المنجزات التي تم تحقيقها لفائدة الطبقة العاملة ببلادنا خلال السنة المنصرمة. وفي هذا الإطار، ورغم الصعوبات التي طبعت الاقتصاد العالمي والتي لم تسلم بلادنا من آثارها وتداعياتها، تم إنجاز العديد من المشاريع التنموية، مكنت من تحقيق مجموعة من الأهداف الأساسية في مجالات الشغل والتشغيل والحماية الاجتماعية، والرقي بأوضاع المواطنين بصفة عامة في مختلف مناحي الحياة، وذلك ضمن استراتيجية تنموية متكاملة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواكبة الأوراش الاستراتيجية التنموية ببلادنا، تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية وارتكازا على البرنامج الحكومي، وبتعاون مع شركائنا الاجتماعيين والاقتصاديين، في إطار من الحوار المستمر وتغليب المصالح العليا للوطن، وتوسيع دائرة الانخراط في بناء المشروع الإصلاحي الحداثي لوطننا العزيز. أخواتي العاملات، إخواني العمال، تقديرا واعتزازا بالدور التاريخي الذي قامت به ومازالت تقوم به الشغيلة المغربية بمختلف مكوناتها، بدءا من معركة الكفاح من أجل الاستقلال، إلى غاية بناء مقومات مغرب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مغرب الحداثة والتقدم بقيادة جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، حرصت الحكومة على مواصلة تفعيل سياستها في إشراك مختلف مكونات المجتمع. ووعيا من الحكومة بأهمية الحوار والتشاور في استتباب السلم الاجتماعي، وتجاوبا مع المطالب التي تقدمت بها المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا والتي همت تحسين الدخل، و الحماية الاجتماعية والتشريع الاجتماعي والعلاقات المهنية و الحريات النقابية؛ عقدت الحكومة عدة اجتماعات برئاسة رئيس الحكومة وبمشاركة المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا والاتحاد العام لمقاولات المغرب، تميزت بحوار جدي ومسؤول . وبهذه المناسبة لا يسعني إلا أن أعبر باسم الحكومة عن تقديري لما أبداه شركاؤنا من حس وطني صادق وروح المسؤولية، من خلال تقديم مقترحات لتحسين أوضاع الأجراء، والحفاظ في آن واحد على تنافسية المقاولة والتزاماتها الاجتماعية؛ وقد قررت الحكومة بعد دراسة مختلف مطالب المركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب اتخاذ التدابير الآتية: ü الرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص بنسبة 10% موزعة على سنتين، 5% ابتداء من فاتح يوليوز 2014، و5% ابتداء من فاتح يوليوز 2015؛ ü الرفع من الأجور الدنيا في الوظيفة العمومية إلى 3000 درهم صافية ابتداء من فاتح يوليوز 2014؛ ü القيام بدراسة من أجل توسيع التغطية الصحية لتشمل والدي المؤمنين؛ كما تلتزم الحكومة بما يلي : ü عقد لقاءات الحوار الاجتماعي بصفة منتظمة ؛ ü مواصلة الحوار على الصعيد القطاعي مع اعتبار خصوصيات كل قطاع؛ ü التشاور حول الملفات الاجتماعية الكبرى لبلورة حلول جماعية بشأنها. هذا، مع العلم أن الحكومة قد أوفت بالتزامات اتفاق 26 أبريل 2011 والتي همت بالأساس الرفع من الحد الأدنى القانوني للأجر بقطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والفلاحة، والرفع من أجور موظفي الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، والرفع من الحد الأدنى للمعاش بالقطاعين العام والخاص، وكذا الرفع من حصيص الترقية، والتسوية النهائية لملف متقاعدي وذوي حقوق مستخدمي الوكالة المستقلة للنقل الحضري سابقا بالدار البيضاء، بالإضافة إلى تحسين الوضعية المادية لمستخدمي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتنفيذ المخطط الاجتماعي لمستخدمي إدارة صناديق العمل، إضافة إلى الرفع من قيمة منحة طلبة التعليم العالي.، وقد بلغت تكلفة تنفيذ هذه الالتزامات ما بين 14 و 19 مليار درهم سنويا منذ سنة 2012. أخواتي العاملات، إخواني العمال، إن البرامج التي تم تسطيرها ويجري تنفيذها منذ إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والورش المفتوح لإصلاح منظومة التربية والتكوين، وتعميم التغطية الصحية وغيرها من البرامج الأخرى، لتدل على المكانة التي يحتلها النهوض بالرأسمال البشري. وقد أثمرت الجهود المبذولة في هذا الصدد، على تحقيق مجموعة من المنجزات يمكن إجمالها في : ü إقرار تعويض عن فقدان الشغل لفائدة الأجراء الذين يفقدون عملهم لأسباب لا إرادية. ü إقرار إمكانية استرجاع المؤمنين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي البالغين سن 60 سنة لمجموع اشتراكاتهم بعد تحيينها حسب معدل الفوائد الصافية لودائع الصندوق في حالة عدم توفرهم على 3240 يوما للاستفادة من معاش التقاعد؛ ü توسيع سلة العلاجات المضمونة من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتشمل علاجات الأسنان ابتداء من فاتح يناير 2015. ü توسيع التغطية الصحية لتشمل الصناع التقليديين والعاملين في مجال الصيد الساحلي التقليدي، و كذا مهنيي النقل؛ ü تدبير تدفقات الهجرة من أجل العمل، وذلك من خلال تسوية وضعية المهاجرين وتحيين الآليات القانونية، و تعزيز تدابير المواكبة، و كذا تعزيز التعاون جنوب – جنوب في مجال التشغيل والحماية الاجتماعية؛ ü تعزيز آليات رصد وتتبع وتحليل سوق الشغل من خلال إحداث المرصد الوطني للتشغيل كأداة للتزويد بالمعلومات لاتخاذ القرار؛ ü بلورة إجراءات جديدة لإنعاش التشغيل (مبادرة – تأطير – استيعاب)؛ ü ملاءمة التشريع الوطني مع معايير العمل الدولية والعربية، من خلال التصديق على عدد هام من اتفاقيات العمل الدولية و العربية؛ ü وضع مجموعة من القوانين في قنوات المصادقة، ويتعلق الأمر أساسا بمشروع قانون حوادث الشغل، ومشروع قانون بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين، ومشروع مدونة التعاضد، ومشروع القانون حول الصحة والسلامة المهنية في القطاعين العام و الخاص، و كذا مشروع القانون المتعلق بتحديد العلاقات بين المشغلين والأجراء وشروط الشغل في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف. وبخصوص الآفاق المستقبلية، فإن الحكومة سطرت مجموعة من المشاريع ستعمل على بلورتها على أرض الواقع على المديين القريب والمتوسط، وذلك بتشاور مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. ويتعلق الأمر أساسا بما يلي: ü إعداد استراتيجية وطنية للتشغيل تواكب السياسات القطاعية والخطط التنموية واستراتيجيات الاستثمار، وتمكن من وضع إطار تنسيقي لجميع المتدخلين والفاعلين المعنيين بالتشغيل؛ ü تحضير مشروع القانون التنظيمي للإضراب ومشروع قانون النقابات المهنية تطبيقا لمقتضيات الدستور و المخطط التشريعي للحكومة؛ ü إصلاح أنظمة التقاعد؛ ü توسيع التغطية الاجتماعية لفائدة الطلبة وأصحاب المهن الحرة. أخواتي العاملات، إخواني العمال، تلكم أهم المكتسبات والأوراش التي سنواصل العمل على إنجازها في إطار التشاور المستمر لتحقيق التطلعات المشروعة للطبقة العاملة المغربية. ولا بد من التأكيد هنا على الثقة الكاملة في قدرة المغاربة نساءا ورجالا، على بناء مغرب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مغرب الحداثة والتقدم، ومواصلة التفاني في خدمة هذا الوطن المعطاء بكل إخلاص، مستحضرين ما لنا من حقوق وواجبات اتجاهه، وفي الدفاع عن مصالحه الحيوية، وإثراء مكاسبه في كنف ما يجسده عنصر التضامن المنغرس في تربة هذا الوطن العزيز عبر التاريخ. وختاما، أتقدم مجددا بأصدق مشاعر الاعتزاز والتقدير، لعموم الشغيلة المغربية في كل المؤسسات الإنتاجية والخدماتية بالمدن والقرى، مع توجيه تحية خاصة إلى مواطنينا المقيمين في كل بلدان المهجر بمناسبة عيدها الأممي. وفقنا الله جميعا لما فيه الخير، لتنعم بلادنا بالرقي والازدهار والأمن والأمان، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله و نصره. والسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته