§ المحور الثاني : الحركات الإسلامية : لم أقل قط في مقالي السابق أن جماعة العدل و الإحسان هي امتداد لحركة الإخوان المسلمين فكيف يتم القفز على كلامي و يُنسب إلي ما لم أقله و من ألف باء المتتبعين للحركات الإسلامية أن هناك فروق جوهرية بين الهياكل التنظيمية للإخوان – أعزهم الله و ثبتهم- و العدل و الإحسان من حيث التسمية و العدد و الإمتداد خاصة سمة العالمية التي تميز جماعة الإخوان المصرية على عكس القطرية التي تميز شقيقتها – في المرجعية و الأهداف- المغربية هذا و إن إعمال مبدأ الإستنساخ في سلوك الفاعل الإسلامي – مع أنني أتمنى التوفيق لجميع الحركات العاملة بصدق للإسلام – يعد مجافيا للمنطق و للسنن الكونية والإجتماعية التي بثها الله تعالى في خلقه فليس صحيحا أن [الفرق شاسع بين الجماعتين على مستوى الفعالية وتاريخ النضال] و يمكن التعرف على تاريخ جماعة العدل و الإحسان من مظانه و من خلال كتابات و أدبيات الجماعة إلا أننا و للأسف لا نقرأ و إذا قرأنا لا نفهم أو لا نريد أن نفهم بالأحرى . و لِمَن يجادل بغير حق أن يسائل نفسه ماذا يعرف عن جماعة العدل و الإحسان وكم قرأ من كتاباتها و كم عدد مشاركاته في أنشتطها و إشعاعاتها التواصلية و آخرها المسيرة التضامنية الضخمة تضامنا مع مصر الشرعية ليرى الفاعلية كيف تكون و هل قرأ رسالة الإسلام أو الطوفان 1974 -الموجهة لملك البلاد حينئذ المرحوم الحسن الثاني- ليعرف تاريخ الرجال و نضال الرجال و شجاعتهم في الحق .. و هل يعرف أن الأستاذ عبد السلام ياسين أمضى جل حياته إما معتقلا في سجون التعذيب و إما قابعا في الإقامة الجبرية في بيته و إما محاصرا ممنوعا من أبسط الحقوق كالتعبير عن الرأي و نشر أفكاره و كتبه و التنقل ... و مع اعتراف "الناقد" بكل ذلك إلا أنه وظفه في سياق تبسيطي محايد و غريب ليخلص منه إلى نتائج أغرب و غير حيادية.. و هل يدري أن جماعة العدل و الإحسان قدمت شهداء و سجناء أمضو عشرين سنة من زهرة شبابهم في السجون ظلما و عدوانا.. و هل يدري أن بيوتا لأعضاء الجماعة لا زالت إلى الآن و بدون حكم قضائي مشمعة لا يستطيعون الدخول إليها و هل وهل وهل .. إنه إن لم تستطع أن تسلك مسلك الرجال فلا أقل من شجاعة الإعتراف بفضلهم عليك : فبفضل ضغط تضحياتهم و حرياتهم المنزوعة و حقوقهم المنتهكة و دمائهم المهدرة تراخت قبضة عهود الرصاص و استحالت إلى " عهد جديد " جاد علينا و عليك ب"هامش أكبر" من الحريات لتعبر و تكتب على صفحات البوابات كما تشاء .. و بدل أن توجه سهام أقلامك إلى الوجهة الصحيحة إلى أصل الداء و البلاء توجهها إلى رفقاء الدرب و الخندق و المظلومية و الذين يبحثون بجد و صدق عن حلول تشاركية لأزمة البلاد و "سكتتها القلبية" المتوقعة .. و إنه إن لم تستطع أن تسلك مسلك الرجال فأقل القليل أن تلجأ إلى الصمت فهو حكمة كما يقال و هو أضعف الإيمان على كل حال و إلا ففضح الظلمة و الانحياز للمقهورين موقف واجب لا يحتمل المماطلة أو التلفيق و "الروتوش" أو إثباته في مصر و نفيه في المغرب أما أن تضفي النزاهة والمصداقية على النهج الإستبدادي الإنقلابي و على "المقاربة والطوق الأمنيين" كما أسميتهما [ناهيك عن انخراط المسؤولين المغاربة بإرادة قوية في...] و بالمقابل أن تنزع الشرعية الدينية عن تيار بعينه عند قولك أن الحركات الإسلامية مطالبة ب[مراجعة قناعاتها بعدم ادعاء الشرعية الدينية في تولي زمام أمور المسلمين] و أن تنزع عنها الشرعية التاريخية كما الشرعية النضالية و أن تحملها وزر التفرقة و مسؤولية الدماء فهذا ما لا يمكن أن يقبل عواقبه المحتملة عاقل نزيه بله مسلم شريف .. و إني لأرجو أن تتنبه لخطورة وفداحة هذا الموقف و تراجع نفسك فيه في ساعة هدوء و صفاء و من باب نافلة القول التي لا يتناطح فيها عنزان التأكيد على [ان حركاتنا الإسلامية مطالبة بممارسة نقد ذاتي] لكن على خلفية إسلامية صرفة كما أشرت ُ سابقا لا على أساس " الإيمان و التفويض المطلقين للمؤسسات الوطنية المغربية" و من جهة أخرى أوليست المؤسسات الوطنية نفسها ملزمة بممارسة النقد الذاتي ؟؟ و إذا كان صحيحا ما تقوله من أن [إسلامنا يحتم علينا الإيمان بكل ماجاءت به الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة بما في ذلك فكرة الخلافة] فلماذا ترجع نكوص الجماعة الشعبي إلى سبب ذاتي أساسي هو بزعمك [اقتصار مرشدها العام على التنظير لأطروحة الخلافة المنهاجية الثانية] ولماذا تنصحها ب[الكف عن الخوض في الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله] ماهذا التناقض الصارخ و أي شيئ أصدق فيك و على أي محمل تريد القارئ أن يحملك ؟؟؟ اللهم إلا إذا كنت تعتبر القراء كلهم بلداء لا يفهمون خفايا السطور أضف إلى ذلك أن من الجهل المطبق برسالة الإسلام و برسول الإسلام عليه الصلاة و السلام الجمع في سلة واحدة بين الدولة الإسلامية الأولى التي ساوت بين بلال و بين أبي بكر أحد أغنياء و أشراف مكة كما ساوت بالمناسبة بين ابن الأشرفين محمد بن عمرو بن العاص و بين أحد الأقباط المصريين البسطاء ... و بين الدويلات العربية القهرية الانقلابية الحالية التي تعرف تفاوتا صارخا في الأرزاق و الحقوق و المواطنة ... ألا ترى أن هناك زُيالا – فرق و تباعد- كبيرا بين من وظف أشراف العرب لخدمة الإسلام و تحرير العبيد و بين من يوظفهم لحرب الإسلام تحت مسمى الإرهاب و استعباد الناس و تسخيرهم لمآربه و شهواته الشخصية و ارتهان البلاد للإملاءات "الدولية" و فوق هذا بأي منطق و بأي نص يمكن اعتبار من باع القضية الفلسطينية و طبع مع اليهود وهرب أموال الأمة إلى البنوك الغربية و أفرج عن المجرم دانيال ... من [أبناء الخلافة] و ختاما أقول : - من خاف الله حق الخوف لم يَخَف الناس - و من أيقن أن الشهادة بالقسط واجب شرعي لا يرسل الكلام عبثا و ثرثرة - و من قصرت همته عن معالي الأمور فلا يلومن الرجال على ضعفه - و من لم يكن لا هذا و لا ذا و لا ذاك فليرحنا من بلاء "تشويشه" (بمعنى الخلط و عدم وضوح الرؤية لا غير) و السلام