لم تكن عائلة نجيب عبد اللطيف وفاطمة أكلاز أولياء أمر التلميذة ثوريا فطواكي لتخلف الموعد هذه المرة، وهي تحتفي بمسيرتها الدراسية الاستثنائية بكل المقاييس، خلال حفل تتويج المتفوقات و المتفوقين بنيابة الفقيه بنصالح، وذلك بإحرازها الشهادة الإعدادية عن عمر يناهز 28 سنة. تحكي أمها الثانية فاطمة أكلاز بحماسة وتلقائية، وهي التي كانت وراء عودتها إلى التمدرس، كيف اجتازت امتحانات شهادة الدروس الابتدائية و الإعدادية، حيث كانت من المتفوقين الأوائل على مستوى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة تادلا أزيلال. ويقول عبد اللطيف نجيب « إن ثوريا فطواكي تحدت الجهل بعزيمة التلعم حتى ولو انصرف الزمن من حولها و تنكر لها في غفلة من والديها اللذان قهرهما شظف العيش ولم يتسع الوقت لكي يمنحها فرصتها المستحقة في تعلم الحرف و مسح ندوب الأمية من ذاتها الصغيرة، هي الأنثى التي لم يقدر لها الولوج للمدرسة قط حتى تحقق حلما في نيل شهادة الإعدادي». و تروي أكلاز بنبرة من تغالب الدموع من فرط التأثر، كيف كبرت وما تخلت عن حلمها في تعلم القراءة والكتابة، لما سنحت المناسبة بذلك انقضت عليها بالنواجد، منذ سنة 2003 وهي تتحدى بإصرار وقوة عزيمة، تهجت الحرف الأول وانقشع بريق أمل في داخل هذه الشابة. وتضيف « أنها لم تلتفت إلى الوراء لتقول ان السن تقدم والوضع لا يسمح باللحاق بالمحظوظين، بالعكس داخل أسرتنا حظيت بكل الثقة، شرعت قريا في مد ساعديه لفتح كل الأبواب المشرعة أمامها لتتعلم، من حسن حظها ان العيون لم تكن تراقب زلاتها ولا تتصيد هفواتها بقدر ما تجزي عليها الثناء للضفر بحب التعلم». نالت الشابة ثوريا الاستحقاق وحرقت المراحل وحصلت على شهادة الخامس ابتدائي سنة 2005 بدعم من الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة . يذكر عبد الله ابزيري، من معارف العائلة، كيف أنها كانت مجدة بشكل عجيب، وكيف غيرت الدراسة نظرتها إلى الكون وإلى العلاقات الإنسانية، مبرزا أن هذه التجربة يجب تقاسمها مع أكبر عدد من المتدخلين في مجال التربية والتكوين. يذكر الأستاذ نجيب انه لما انكشف بريق الأمل اصرت امها الثانية أكلاز فاطمة على الدفع بفوج بأكمله للتقدم لاجتياز المستوى السادس ومع نفس الجمعية وبتطوع من عدة غيورين أساتذة، كان التحصيل جيدا وتقدم الفريق المهيأ من نساء وشابات ومنقطعات، وفي سنة 2006 حصلت ثوريا على شهادة الدروس الابتدائية. و يتابع سرد تفاصيل ما وقع قائلا: و « كبر الحلم، ففي كل محطة كانت ثريا تسعى إلى الانتقام من زمن الفرصة الضائعة و تجتهد لتعويض الجهل بالعلم، لم تتوانى في التحصيل هذه المرة بمفردها تستغيث في بيت الاحتضان وتجد الاستجابة بما يتاح من تعلمات، وفي الخارج تستنجد بمسايرة الدروس في ثانوية التغناري الاعدادية، و تطوع بعض الأساتذة والأستاذات، إنها طاقة الحرقة والشوق إلى التعلم، لا طعم ألذ من تذوق الفرصة الثانية في الحياة، ذاك ما كان تحسه ثريا وهي رغم الفارق العمري كانت تعيد ذاتها العمر الطفولي لكي تتلذذ بهذه اللحظة الجميلة». وجوابا عن سؤال "ماذا بعد الإعدادي؟ تقول ثوريا فطواكي « اليوم حققت الأهم وهو ولوج عتبة الأمل الكبير، حصلت هذه السنة على شهادة الدروس الإعدادية وكبر الأمل من جديد لكي أحصل على الباكالوريا». إن خصوصية هذا المسار الاستثنائي الذي ينبغي أن يكون درسا بليغا للعديدين مفاده أن العلم لا يشيخ والعزيمة لا تهن، جدير بنا أن نسند خطواتها بالثناء والتقدير، إنها تستحق ذلك، وقد نلتقي لنحتفي بها على صفحات بوابة الفقه بنصالح اونلاين، حاملة لشهادة الباكالوريا، فالحياة لا تضيع إلا في زحمة اليأس والتيئيس.