"قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا" . هذا البيت من أروع ما تغنى به الشعر العربي في حق مربي الأجيال، لكن مع الأسف فلو سمح عداد الزمن والتاريخ أن يعيش أمير الشعراء بين أحضاننا لأعاد النظر في كتابة هذه الأبيات الشعرية، ففي زمن أصبحت كرامة المدرس تداس وأصبح المريد جلاد شيخه، واختلط الحابل بالنابل... أهكذا يجازى من أفنى عمره في سبيل خدمة هذا الوطن وإخراج أبنائه من غياهب الظلام وإنقاذهم من براثن الجهل والأمية؟؟ عجيب كل العجب أهكذا نرقي من علمون الحروف؟؟ كيف نريد إصلاح مجتمع ويتعرض مربوه لكل أنواع العنف والتنكيل؟؟ فما هو متعارف عليه في الأوساط الدولية أن قطاع التربية والتعليم هو أساس القطاعات الأخرى و أن صلاح المجتمع رهين بالاهتمام بمن يعملون على تنوير أبنائه. وإعطاء العناية التامة لهذه الفئة، التي ضحت بعنفوان شبابها بين الفيافي والجبال حيث لا ماء ولا كهرباء. أكثر من ذلك أن هناك من يعرض نفسه للخطر من أجل إيصال الحرف والكلمة إلى أبناء هذا الوطن العزيز، وأينما حلوا وارتحلوا. لكن مانراه اليوم في الساحة لاينم على روح المسؤولية ولا يعكس الصورة الحقيقية التي يجب أن يعامل بها نساء ورجال التربية. ربما هي ترقية، لكنها ترقية من نوع خاص. فمتى كان التلميذ جلادا لأستاذه؟؟ أهكذا يرد الجميل؟؟ و ما هو العيب في أن تطالب هذه الشريحة بتحسين أوضاعها المادية والمعنوية؟ لازلنا نتذكر المثل الذي يقول "من علمني حرفا صرت له عبدا"، لكن في الآونة الأخيرة انقلبت الآية ، وخرج المثل على معناه الأصلي ليفيد معنى آخر "من علمني حرفا صيرته لي عبدا". أليس الوزارة تتناقض مع ما تصدره من مذكرات، وخاصة المذكرة التي تمنع استعمال العنف ضد التلاميذ، فلماذا تسعمله مع موظفيها؟؟ يتضح أن الوزارة أحيانا لا تستخدم المنطق في محله، إلا في الخصم من رواتب المضربين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة وبطريقة سلمية وحضارية. وتغفل أو تتغافل في طريقة تعاملها مع الوضعيات. فلماذا تفتح الباب أمام المدرسين لمواصلة الدراسة؟ أليس من أجل تطوير إمكانيتهم المعرفية ومواكبتهم لأهم المستجدات التي تعرفها الساحة الفكرية والتربوية؟ لكن هذا لايمنع من تحسين ظروفهم الاجتماعية. هل رجل التربية يعيش في منأى عن المجتمع والتحولات الاقتصادية التي يعرفها هذا الأخير؟ فهو قبل أن يكون مربيا فهو مواطن يشارك المواطنين همومهم ومشاكلهم ،آمالهم وألامهم، ويتقاسم معهم كل ما يتخبطون فيه في حياتهم اليومية. فرحمة بهذا الانسان الذي صنع الأمجاد، ولولاه لما وصلت المجتمعات إلى ما وصلت إليه من رقي وازدهار. بقلم :