يذكرنى الصراع الدائر فيما يسمى الانتخابات الرئاسية الأمريكية بالصراع الذى دار حول الانتخابات الرئاسية المصرية السابقة عدوى المرض ينتشر من أمريكا إلى بلاد العالم. المناظرة التليفزيونية «3 أكتوبر 2012» بين أوباما ورومنى تشبه المناظرة بين المرشحين السابقين للرئاسة المصرية، الإخراج التليفزيونى، التشويق المصطنع للجماهير، السيل غير منقطع من الإعلانات قبل بدء المناظرة تم الإعلان مائة مرة أن المناظرة تبدأ فى السابعة مساء لكنها لم تبدأ إلا فى التاسعة مساء، استغلالاً للجماهير ولإرغامهم على البحلقة ساعتين فى إعلانات لا يريدون رؤيتها، تفرض عليهم بالقوة، لترويج بضائع سوق لا تشبع من الأرباح. تماما كما حدث عندنا، الطريقة ذاتها فى الاستهانة بوقت الجماهير، وترويج بضائع السوق على حساب أعصابهم، يجلسون أمام الشاشة مثل الرهائن المخطوفة، العبيد المستأجرة، الشعوب البلهاء المضللة، الواقعة تحت تأثير التخدير الإعلامى، بنتظرون بفارغ الصبر المناظرة التاريخية، يتمخض الجبل فيلد فأرا. تمثيلية شبه هزلية، الهدف الأول منها عرض الإعلانات عن البضائع التى لا تحتاجها الأغلبية من الشعب. الهدف الثانى إقناع الناس بأن هناك معركة تاريخية مهمة قادمة لا يمكن أن تفوتهم. أخيرا ظهر أوباما ورومنى، تصافحا، وقف كل منهما خلف المنضدة العالية بالحركات ذاتها التى تمت فى مصر. صراع الديكة، حيث لا صراع إلا بعض اختلافات جزئية فيما يتعلق بالاقتصاد أو الصحة أو التعليم أو رفع الضرائب أو تخفيضها على الطبقة الوسطى أو غيرها. أوباما يساند الطبقة الوسطى أكثر من رومنى، رومنى يساند أكثر من أوباما طبقة رجال الأعمال الكبار والصغار، أوباما يرى دورا أكبر للدولة فى تنظيم شهوة الشركات والبنوك للربح، رومنى يرى خفض دور الدولة وإطلاق الحرية المقدسة لديه، الفروق غير جوهرية بين سياسة الحزبين الديمقراطى والجمهورى، كلاهما رأسمالى طبقى أبوى يعتمد القوة العسكرية لتأمين إسرائيل. لا خلاف بينهما فى السياسة الخارجية: أفغانستان، العراق، فلسطين، ليبيا، مصر، سوريا، إيران، تركيا، كلها توضع تحت بند الشرق الأوسط. يضجان بالكلام عن مشروع إيران النووى، ولا كلمة واحدة عن الترسانة النووية الإسرائيلية. الأغلبية من الشعب الأمريكى لا تختلف كثيرا عن الأغلبية فى مصر وغيرها من البلاد- حزب الكنبة ذاته الكسول الأكول- تعوض سعادة إشباع العقل بلذة إشباع المعدة والجنس والفرجة على التليفزيون. بعض المذيعات فى التليفزيون «أو السياسيات» أجسامهن ممتلئة، تجلس الواحدة منهن أمام ملايين المشاهدين واضعة الساق فوق الساق، كاشفة عن الفخذ السمينة، وركبتى الفيل، زميلتها النحيفة، تكشف عظام ساقيها، مثل أرجل الكرسى الخرزان. قهر المرأة يقوم على الموضة، تعرية جزء من النهدين والفخذين لجذب الجماهير للإعلان والإعلام. لا يختلف القهر بالتعرية عن قهرها بالتغطية، فالمرأة هنا وهناك، مجرد جسد يغطى أو يعرى، تحت شعارات مادية أو روحانية. آخر إحصاء: تسعة عشر ألف امرأة مجندة تتعرض سنويا للتحرش أو الاعتداء الجنسى من رؤسائها فى الجيش الأمريكى، فقط 1٪ من المتحرشين الذكور ينال العقاب. أليست قضية المرأة: عالمية- محلية- طبقية- أبوية- اقتصادية-سياسية؟