احتضنت دار الشعر في مراكش، أمس الجمعة، حفل تقديم السيرة الذاتية الشعرية لعبد الغني أبو العزم، الموسومة ب"هكذا حدثني المنفى". وذكر بلاغ لدار الشعر في مراكش، أن "هذه الفقرة الجديدة التي أطلقتها الدار في موسمها الخامس، تنضاف لسلسلة الفقرات الشعرية والثقافية التي تحتفي بشجرة الشعر المغربي، واختارت أن تحتفي، في أولى حلقات هذه الفقرة، بالأكاديمي والكاتب واللغوي المرموق عبد الغني أبو العزم، وبإصداره "هكذا حدثني المنفى"، وهي سيرة ذاتية شعرية". وافتتح اللقاء بقراءات شعرية من "هكذا حدثني المنفى"، بصوت أحد شعراء ورشات الكتابة الشعرية لدار الشعر في مراكش، هو الشاعر إسماعيل آيت إيدار. وأضاف المصدر ذاته، أن هذه الفقرة عرفت مشاركة الشاعرة مليكة العاصمي، التي قدمت شهادة مؤثرة، أعادت من خلالها سرد بعض تفاصيل رحلة الكاتب عبدالغني أبو العز، من مسار البحث العلمي والأكاديمي في حقل الدراسات المعجمية، إلى كتاباته الإبداعية في مجال الرواية والقصة والدراسات، انتهاء بسيرته الشعرية. وتوقفت الشاعرة العاصمي عند "لحظات فارقة في مسارات رحلة أبو العزم، بين ضفاف حلم الوطن وأحلام جيل". كما أهدت قصائد تستدعي الفرح ب"بالأغاني" للمبدع عبدالغني أبو العزم، في فقرة "سيرة شعرية"، اختارت الاحتفاء به ومن خلال إصداره "هكذا حدثني المنفى". من جهته، قارب الناقد والأكاديمي عبدالعزيز جسوس سيرة عبدالغني أبو العزم الشعرية، من خلال ورقة نقدية حاولت سبر أغوار الكتاب، متوقفا عند تيماتها وبنياتها الفنية. واعتبر أن اختيار "سيرة ذاتية شعرية"، والتي ذيل بها المبدع كتابه السيري، يحدد مسارها الأجناسي ضمن تبويب اختاره : "هكذا حدثني المنفى 1″، و"هكذا حدثني المنفى 2". ولاحظ جسوس ميول قصائد السيرة الشعرية الى التكثيف والقصر، إلى جانب أنها كتبت ضمن "مرحلة المنفى" وجل النصوص محددة بتواريخها إلى جانب الإهداءات، مبرزا أن الجانب المعجمي عند عبد الغني أبو العزم لم يغب في الشعر، ضمن حرص بليغ على حضور نصوص "تمثل سيرة ذاتية من خلال الكتابة الشعرية". وانتقل جسوس، في الجزء الثاني من مداخلته، إلى مقاربة تيمات النصوص وبنيتها الداخلية، متوقفا عند البعد الأجناسي ومفارقاته، وعند هذا التنويع الدلالي، الذي يبحر في الكثير من التفاصيل الإنسانية والموضوعاتية. كما أبرز قدرة المبدع عبدالغني أبو العزم على نسج تفاصيل الذاكرة، ضمن منجز شعري سيري، يستدعي من خلاله ما علق في تخوم الذاكرة، "سيرة الشاعر ليست في النهاية، إلا سير جيل كان يحلم بالوطن". وانتهز المحتفى به الفرصة لإلقاء قراءات شعرية من "سيرته"، استعاد من خلالها بعضا من "ألق اللحظة الإنسانية" واجتراحاتها وانكساراتها، منوها، في نفس الآن، بارتباط العديد من النصوص، بلحظتها التاريخية وبشخوص وأعلام شكلت جزءا من ذاكرته. وبحسب المصدر، فقد راكم الكاتب واللغوي والشاعر عبدالغني أبو العزم تجربة غنية في مجال البحث العلمي، ابتداء من كتابه "المنهج والنص: مدخل إلى التحليل الإحصائي اللغوي للنصوص الأدبية"، وترجمته ل"ألف سنة من حياة اليهود بالمغرب"، و"المعجم المدرسي أسسه ومناهجه"، و"المعجم الصغير"، وتحقيقه ل"أعز ما يطلب" للمهدي بن تومرت، ونصوصه الروائية "الضريح" و"الضريح الآخر" (المتوجة بجائزة المغرب للكتاب)، ومجموعته القصصية "ظلال البيت القديم"، ومعجميه "المعجم اللغوي التاريخي، منهجه ومصدره"، و"معجم الغني الزاهر". ويعد "معجم الغني الزاهر" لعبد الغني أبو العزم، والحاصل على الماجستير من جامعة السوربون ودكتوراه الدولة من جامعة الحسن الثاني في المعجميات، "مرجعا أساسيا لا محيد عنه، خصوصا وأن مؤلفه يعد من أبرز مطوري اللغة العربية ومن أبرز الأسماء المعجمية العربية مم ن أغنوا المكتبات العربية في حقل الدراسات المعجمية". وتسعى دار الشعر في مراكش في لقاء "سيرة شعرية" إلى الانفتاح على هذه الرؤى والصيغ الإبداعية، والذي أمسى يشكل حضورا لافتا في الخطاب الإبداعي المغربي، وأيضا استقصاء موازيا في النقد الشعري، وشكل لحظة أخرى للإنصات لأحد الإشراقات، التي أصبغت على التجربة المغربية والعربية، حضورا وإبداعا، وأسهمت في ترسيخ أفق القصيدة المغربية الحديثة. ويشكل لقاء سيرة شعرية مستهلا لسلسلة من البرامج الشعرية والثقافية الجديدة لدار الشعر في مراكش، وهي تخطو في سنتها الخامسة نحو أفق القصيدة المغربية وقضاياها، وانشغالات الشعراء.