يشهد المغرب ارتفاع وتيرة انتشار وباء كوفيد-19 بحصيلة تفوق الألف إصابة جديدة يوميا منذ مطلع غشت، ما يثير قلقا وانتقادات في وسائل الإعلام المحلية حول تدبير الأزمة الصحية. وتصدرت الصحف المغربية في الأيام الأخيرة عناوين مثل "المغرب على حافة الانهيار الوبائي"، و"كورونا منعرج خطير"، أو "الحكومة تسير فوق الجثث"… وتركزت الانتقادات حول التراخي في احترام الإجراءات الوقائية من الوباء، والاختلالات المتعددة في التكفل بالمرضى، وكذا تناقضات استراتيجية مواجهة الأزمة والتي فوض جزء كبير منها للمسؤولين الأمنيين. وأعرب العاهل المغربي في خطاب ليلة الخميس عن قلقه إزاء "تدهور الوضع الصحي، الذي وصلنا إليه اليوم"، مؤك دا على ضرورة "التحلي بسلوك وطني مثالي ومسؤول" في الالتزام بالإجراءات الوقائية من الوباء. وحذ ر من الاضطرار إلى اتخاذ "قرار صعب" بالعودة إلى الحجر الصحي، الذي فرض في البلاد بين مارس ويونيو، منبها إلى أن انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية "ستكون قاسية". وكان مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس حذ ر الأسبوع المنصرم من "المنحى التصاعدي" للإصابات بالوباء في المغرب، داعيا إلى إجراءات أكثر حزما في مواجهته. وأصاب الوباء حسب آخر حصيلة رسمية مساء الخميس أكثر من 47 ألفا و600 شخص، توفي 775 منهم بينما تماثل أكثر من 32 ألفا و800 للشفاء. ولمواجهة الارتفاع في الإصابات بالفيروس عززت السلطات الإجراءات الاحترازية مؤخرا بإغلاق عدة أحياء في مدن الدارالبيضاء وطنجة ومراكش والرباط، مع عودة انتشار ناقلات الجنود المدرعة وحواجز المراقبة الأمنية. وتعد الدارالبيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، من المدن الأكثر تضررا حيث نبه موقع "لو360" الأربعاء إلى أن المدينة "تحطم كل الأرقام القياسية" في أعداد الإصابات، وأن الوضع فيها "يزداد سوء يوما عمن يوم"، مشيرا أيضا إلى "ارتفاع عدد المصابين الذين لا تظهر إصابتهم إلا بعد وفاتهم". وليست العاصمة السياحية مراكش بأفضل حال حيث أطلق نشطاء وعاملون في القطاع الصحي مؤخرا وسم "أنقذوا مراكش" للتنبيه إلى خطورة الوضع بالمدينة، والتي تعاني أيضا أزمة اقتصادية بسبب استمرار إغلاق الحدود في وجه السياح منذ آذار/مارس. وأوضح الطبيب الباحث في السياسات الصحية الطيب حمضي في حوار مع موقع "كود" "ندفع ثمن الخروج من الحجر الصحي دون احترام الإجراءات الوقائية، وكذلك ثمن المشاكل التي تعانيها منظومتنا الصحية التي لا تكشف الإصابات الجديدة إلا بشكل جد متأخر"، ما يفسر بحسبه ارتفاع أعداد الوفيات. وكانت السلطات أعلنت زيادة الطاقة الاستيعابية لأسرة الإنعاش في المستشفيات لتصل إلى 3 آلاف إضافة إلى اقتناء أجهزة تنفس اصطناعي. لكن موقع "ميديا24" أوضح أن المشكلة تكمن في "ندرة الطواقم الطبية"، إذ لا يوجد في المستشفيات العمومية سوى 200 طبيب إنعاش. وتعاني المستشفيات العمومية عموما نقصا كبيرا في الطواقم الطبية قدره وزير الصحة خالد آيت الطالب ب62 ألفا في المهن شبه الطبية و30 ألفا في المهن الطبية. وسبق للوزير أن نبه أواخر تموز/يوليو إلى أن الوضع الوبائي "أصبح مقلقا ". وبينما كان تدبير السلطات للأزمة الصحية يثير تنويها في وسائل الإعلام المحلية باتت اليوم موضع انتقادات. واعتبر موقع "تيل كيل" أن قرار زيادة عدد مؤسسات الكشف عن الإصابات بالفيروس "يثير الشكوك في ظل استنزاف قدرات البنيات التحتية وإنهاك الطواقم الطبية". كما انتقدت وسائل الإعلام ارتباك وزارة الصحة في الترخيص للعاملين بالمستشفيات العمومية بالحصول على إجازاتهم السنوية، قبل أن تتراجع عن هذا القرار. وبلغت الانتقادات حد تشكيك بعض رواد المواقع الاجتماعية في الأرقام الرسمية المعلن عنها لأعداد الإصابات. بينما يفضل البعض عدم إجراء اختبار الكشف عن الفيروس مخافة الخضوع للعلاج في المستشفيات العمومية أو فقدان العمل، بحسب شهادات نقلتها وسائل إعلام محلية. في حين لا يتمكن آخرون من الخضوع للكشف بحسب شهادات أخرى، مثل تلك التي بثها موقع "زنقة20" في مقطع فيديو لمواطن أمام مستشفى بمراكش يقول إنه "يعاني مرض السكري وجاء لإجراء الكشف لكن قيل له إن ذلك غير ممكن". وسجل ارتفاع أعداد الإصابات مطلع آب/أغسطس غداة عطلة عيد الأضحى التي تتميز عادة بحركة تنقلات مكثفة وتجمعات عائلية. وكانت السلطات أعلنت قرارا مفاجئا عشية العيد بإغلاق ثماني مدن كبرى ومتوسطة، ما خلق اضطرابا على الطرقات لم يمنع رغم ذلك الكثيرين من السفر. وبينما تدعو وسائل الإعلام إلى إجراءات أمنية "أكثر حزما" لتفادي "سيناريو كارثي"، تشير أخرى إلى استياء سكان الأحياء التي أغلقت مجددا، بعدما عاشت البلاد إغلاقا صحيا على مدى ثلاثة أشهر خلال فصل الربيع.