أكد وزير الاقتصاد والمالية السيد نزار بركة٬ اليوم الأربعاء بالرباط٬ أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي مست المغرب وإسبانيا والفضاء المتوسطي عموما٬ تستلزم ابتكار مقاربات جديدة للشراكة والتكامل والتضامن بما يطور الإمكانات التي تزخر بها المنطقة ويعزز جاذبيتها وتنافسيتها. واعتبر السيد بركة٬ في مداخلة خلال الجلسة الأولى للمنتدى البرلماني المغربي الإسباني حول محور "الاقتصاد"٬ أن استثمار الرصيد المشترك الوازن بين المغرب وإسبانيا وإعطاء دفعة قوية وجديدة لتعاونهما جزء من الحل الممكن للأزمة الاقتصادية بالمنطقة٬ بالنظر للإمكانات المتوفرة لكلا الجانبين٬ وفرص التكامل المتاحة في ضوء المتغيرات الاقتصادية الحالية والمستقبلية. ودعا في هذا الصدد للتفكير خلال هذا المنتدى في وضع مقاربة للعمل المشترك تأخذ بعين الاعتبار دينامية الاقتصاد المغربي وما يوفره من إمكانيات مهمة للاستثمار وخيار السياسات القطاعية الذي اعتمده المغرب والممتد إلى سنة 2020 في العديد من المجالات الواعدة والمهن العالمية الجديدة بالموازاة مع التحسن المتواصل لمناخ الأعمال. وسيمكن ذلك٬ حسب السيد بركة٬ من خلق فرص مشتركة لتنويع مصادر النمو الاقتصادي٬ وتحسين التنافسية وتقليص التكلفة٬ وتعزيز حظوظ ولوج الأسواق الجهوية والدولية في إفريقيا ومنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. كما ينبغي أن تأخذ هذه المقاربة بعين الاعتبار الانخراط المتزايد للمغرب في الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة٬ خاصة في مجالات الطاقات المتجددة وتدبير النفايات٬ إلى جانب تطوير جيل جديد من الشراكات متعددة الأبعاد والمستويات بين المغرب وإسبانيا٬ وبين المملكة والحكومات الإسبانية المحلية٬ وبين الجهات المغربية٬ في أفق نظام الجهوية المتقدمة٬ والجهات الإسبانية. من جهة أخرى٬ ذكر الوزير بالخيارات الإستراتيجية الكبرى التي راهن عليها المغرب منذ أكثر من عشر سنوات متمثلة في إرساء دولة القانون والمؤسسات وتكريس قيم الديمقراطية وتقوية الانفتاح الاقتصادي ووضع سياسات قطاعية واعدة٬ مشيرا إلى أن هذه الإصلاحات مكنت الاقتصاد المغربي من تسجيل دينامية غير مسبوقة في السنوات الماضية وتحقيق معدلات نمو تقارب الخمسة في المئة٬ وهي الأعلى مقارنة مع معدل النمو في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط خلال فترات الأزمة. وتعتبر إسبانيا الشريك الاقتصادي الثاني للمغرب٬ إذ تمثل 13 في المئة من مبادلاته التجارية مع الخارج. وحققت صادرات المغرب إلى إسبانيا 31,6 مليار درهم في 2011 (18,2 في المئة من مجموع الصادرات) وبلغت قيمة وارداته منها 39,1 مليار درهم (10,9 في المئة من مجموع الواردات). وفي 2011٬ توافد على المغرب 693 ألف و255 سائحا إسبانيا وحقق المستثمرون الإسبان في المغرب خلال نفس السنة 1,5 مليار درهم٬ حيث تشتغل في البلاد 800 مقاولة إسبانية في قطاعات الصناعة والإسكان والسياحة والعمل البنكي والمصرفي. ويتوخى المنتدى٬ الذي يروم إعطاء دفعة جديدة لعلاقات التعاون والصداقة بين المملكتين المغربية والإسبانية وتحقيق المزيد من التقارب بين برلمانيهما حول القضايا ذات الاهتمام المشترك في إطار بنية مؤسساتية على غرار التجربة الإسبانية مع فرنسا والبرتغال٬ وبين المغرب والاتحاد الأوروبي. وتتناول أشغال المنتدى في هذا الإطار محاور تتعلق بالاقتصاد والأمن والهجرة والتنقل والعلاقات البرلمانية والسياسة والأمن. ويشارك في الملتقى وفد برلماني إسباني رفيع المستوى برئاسة كل من رئيسي مجلس النواب والشيوخ٬ إضافة إلى رئيسي مجلس النواب والمستشارين بالمغرب وعدد من أعضاء الحكومة ورؤساء اللجان البرلمانية المغاربة ومسؤولين في البرلمان الإسباني وسفيري البلدين المعتمدين في كل من الرباط ومدريد.