ناقش مجلس الوزراء الفرنسي الجمعة مشروع إصلاح أنظمة التقاعد الذي اقترحه الرئيس إيمانويل ماكرون وأحاله على البرلمان، رغم ضغوط النقابات التي نظ مت تظاهرات وإضراب في أرجاء البلاد. وسارت تظاهرات في كافة أرجاء فرنسا. ففي باريس، عبرت التظاهرة وسط العاصمة، حيث انطلقت قبل الظهر من ساحة الجمهورية في اتجاه ساحة كونكورد. وتعهد رئيس الكونفيدرالية العامة للعمل فيليب مارتينز ب »الصمود حتى سحب » مشروع الإصلاح. وأضاف مارتنيز الذي كان في طليعة الاحتجاج أن « التعبئة مهمة دائما (…) الحكومة تواصل العناد، يجب الاستمرار في ممارسة ضغوط عليها ». عند انطلاق التظاهرة الباريسية التي جمعت عدة آلاف من الأشخاص، أكد زعيم نقابة « القوى العاملة » إيف فيريه أنه « حين يقول الرئيس إن الإصلاح وجد ليبقى مدة طويلة، يمكنني أن أقول إنه لن يدوم وأنا على قناعة أن الأمر سينتهي بإدخال تعديلات واسعة عليه ». أما زعيم حزب « فرنسا المتمردة » (أقصى اليسار) جان لوك ميلانشون فقال إنه « حين يناقش مجلس الوزراء مشروع قانون، فذلك يعني بوضوح أن ماكرون لم يعد يسعى للإقناع وأن نيته الانتصار وهذا أسوء ما يمكن أن يحدث في مجتمع ديمقراطي ». ويواجه معارضو مشروع إصلاح أنظمة التقاعد تحديا للحفاظ على استمرارية الحركة الاحتجاجية، خصوصا بعد توصل الحكومة إلى اتفاق مع النقابات الأكثر اعتدالا. كانت التظاهرات الأخيرة قليلة الاعداد كما تراجع الإضراب في قطاع النقل العمومي، رغم إعلان النقابات إيقاف العمل خلال « يوم التعبئة » السابع. بعد عودتها إلى وضع شبه طبيعي في الأيام الأخيرة، اضطربت حركة السير مرة أخرى. وفي حين عملت القطارات الدولية السريعة بشكل شبه عادي، عمل المترو الباريسي على نحو أقل سلاسة إذ نشطت ثلاثة خطوط فقط بشكل طبيعي. وقال المسؤول في الشرطة ديدييه لالمون إن الشرطة « سخ رت موارد بشرية ومادية مهمة » تحسبا لامكانية حصول « أعمال عنف وتخريب ». وتصاعد التوتر إلى أعلى درجاته هذا الأسبوع بعد حصول انقطاعات في الكهرباء تبنتها الكونفيدرالية العامة للعمل التي احتجزت الشرطة بعض عناصرها لفترة وجيزة. وفيما دعت الحكومة إلى تطبيق عقوبات، اتهمها مارتينز بأنها « تزيد تأجيج الأوضاع ». قال وزير الدولة للنقل جان باتيست جباري الخميس « أعتقد أن الفرنسيين ملوا من هذا الإضراب ». أما أندريه (34 عاما) التي تعمل ممرضة وبقيت تنتظر ثلاث ساعات في مدينة ليل (شمال) بسبب إلغاء رحلة القطار، فاعتبرت أن « الأمر معقد بالتأكيد لكني أتفق مع المضربين ». لكن مساندة الإضراب ليست أمرا يؤيده الجميع، وفق استطلاع أجرته شركة « بي في ا » الجمعة يقدر 70 بالمئة من الفرنسيين أن حركة الاحتجاجات يجب أن تتواصل، فيما أظهر استطلاع رأي آخر أجرته شركة « دوكسا » نتيجة معاكسة إذ عبر 56 بالمئة من الفرنسيين عن رغبتهم في « توقف » الإضراب. وتواصل الإضراب في قطاعات أخرى غير النقل. استمر اغلاق برج ايفل طوال اليوم، وكذلك بعض المدارس، ويوجد المدرسون في مقدمة الاحتجاجات. ورغم إعلان يوم تعبئة جديد في 29 يناير، حافظت الحكومة على برنامج عملها. ومنذ 17 يناير يناقش البرلمان مشروع الإصلاح الذي يلغي أنظمة التقاعد الخاصة التي تسمح حاليا لبعض الفئات المهنية، على غرار عمال القطارات، بالتقاعد في سن أدنى. بموازاة ذلك، تستمر المحادثات بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل حول نقاط محورية في المشروع على غرار المهن الشاقة والحد الأدنى لمعاشات التقاعد وتوظيف كبار السن. وهناك الكثير من المسائل التي تجعل الكلفة النهائية للإصلاح غير واضحة، وسيتم تناول « التوازن (المالي لنظام التقاعد الجديد) حتى عام 2027 » في « مؤتمر ممولين » سينطلق في 30 يناير ويجب أن يجد حلولا قبل نهاية ابريل. وقبلت الحكومة بسحب اقتراح نظام حوافز يحض العمال بشدة على مواصلة العمل حتى سن 64 بدلا من التقاعد في سن 62. وسمح هذا السحب المؤقت بإبرام اتفاق بين الحكومة والنقابات « الإصلاحية » على غرار « الكونفيدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل » التي حذر أمينها العام لوران بيرجيه من ان « الوضع سيبقى متوترا للغاية اذا لم يتم التوصل الى حل ».