بدأت الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض قمة مجلس التعاون الخليجي في نسختها ال40 بغياب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في أعقاب مؤشرات على إمكانية حدوث انفراج في الأزمة الدبلوماسية. وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو 2017 علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقلات القطريين. ما الذي تسبب بالأزمة؟ قبل اندلاع الأزمة، كانت العلاقات بين قطر وجارتها السعودية متوترة خلال السنوات الأخيرة. ويعود جزء من التوتر إلى تقارير بثتها قناة « الجزيرة » القطرية حول أحداث في المنطقة ودعم الدوحة لتظاهرات ضمن إطار « الربيع العربي »، لا سيما في مصر والبحرين. في يونيو 2017، قطعت الدول الأربع رسميا علاقاتها مع الدوحة. واتهمت الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرفة وبالتقارب مع إيران، خصم الرياض، والتدخل في شؤون بعض الدول العربية الداخلية، هو ما نفته الإمارة. وردت الدوحة باتهام السعودية بالسعي إلى « فرض الوصاية » عليها. وتبادل الطرفان بعدها الاتهامات حول مواضيع أخرى، من أداء فريضة الحج في مدينة مكةالمكرمة في السعودية، إلى قرصنة حسابات على موقع « تويتر ». وتسبب الخلاف الخليجي في انقسام عائلات مختلطة بين البلدين، ورتب على الشركات القطرية المزيد من النفقات، كما عقد السفر في المنطقة والجهود الدبلوماسية. ولطالما أكدت الدول المقاطعة أن الأزمة لن تنتهي دون استجابة الدوحة للائحة من 13 شرطا. ومن ضمن المطالب إغلاق قناة « الجزيرة » والحد من علاقات قطر مع إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر. وترفض الدوحة الاستجابة لهذه المطالب. لماذا يتم الدفع نحو إنهاء الأزمة الآن؟ يرى محللون أن الأزمة أضرت بالدول المقاطعة لقطر أكثر مما أضرت بالدوحة. ويبدو أن السعودية بدأت باعتماد مقاربة لنزع فتيل التصعيد بعد تبنيها ما يقول خبراء في السياسة الخارجية إنها « سياسات متشددة » أخافت المستثمرين الأجانب. وقال مصدران مطلعان على المفاوضات، بينهما دبلوماسي عربي، لوكالة فرانس برس، إن هناك من « يعارض » في أبوظبي إعادة العلاقات. وهذا يعني إمكانية وجود « سلام متشعب »، ما يعني قيام الدوحة بتطبيع العلاقات فقط مع بعض الدول المقاطعة لها ومن بينها السعودية التي تشترك معها في حدودها البرية الوحيدة. ويقول محللون أنه حتى الآن، يبدو أن هناك تقارب من دون أي تنازلات كبرى من جانب الدوحة، بعدما عززت مقاطعة الدول الخليجية لها من اعتمادها على نفسها، ولو أنها تسببت بخسائر كبرى للخطوط الجوية القطرية. هل ستؤدي القمة الخليجية إلى انهاء الأزمة؟ وأعلنت قطر الثلاثاء أن أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كلف رئيس الوزراء بحضور قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض نيابة عنه، في خطوة تضعف آمال التوصل إلى حل فوري للأزمة الدبلوماسية خلال الاجتماع السنوي. ولكن هذا لا يعني انتهاء الآمال بمصالحة قريبة. ففي الأسابيع الأخيرة، ظهرت بوادر انفراج، إذ شاركت السعودية والإمارات والبحرين في كأس الخليج لكرة القدم في قطر هذا الشهر، قبل أن يعلن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن إحراز « بعض التقدم » خلال مباحثات مع السعودية. ونظرا إلى أن قطر ستستضيف بطولة العالم لكرة القدم 2022، فإن العديد من المبادرات تدور حول هذه الرياضة. وكان من المقرر أن تغيب منتخبات البحرين والسعودية والإمارات عن البطولة الخليجية هذا الشهر نظرا لقطع هذه الدول علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. لكن الدول الثلاث عادت وقررت المشاركة للمرة الأولى بمنتخباتها الوطنية في بطولة تستضيفها قطر منذ 2017. وفازت البحرين بالبطولة، وسلم أمير قطر الجوائز للفريق الفائز وللفريق السعودي الوصيف الذي خسر بنتيجة واحد – صفر. وعلى « تويتر »، كتب الشهر الماضي أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله « أبشركم بتطورات مهمة لحل الخلاف الخليجي بأقرب مما تتوقعون ». وأكد عبد الله أن « قرار مشاركة السعودية والإمارات والبحرين في كأس الخليج 24 في الدوحة قرار سياسي بقدر ما هو رياضي ». المصدر: أ ف ب