من الصادم أن تعيش أجيال القرن 21 صراعات المساواة في الرواتب بين الرجل والمرأة، وما يزيد الدهشة أن قوانين كثير من الدول لا تحمي المرأة من الهوة التي قد تكون بينها وبين نظائرها من الرجال في الوظيفة ذاتها. الأمر دائما مطروح على طاولات النقاش الحقوقية والعمالية، ولكن مؤخرا فجرته الإعلامية سميرة أحمد في شبكة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بسبب عدم مساواتها مع زميلها الرجل، الأمر الذي وصل إلى القضاء البريطاني، ومنه إلى المنابر الإعلامية التي طرحت العديد من الزوايا في تلك القضية. عدم المساواة رغم التاريخ الطويل للحقوقيات طوال العقود الماضية للحصول على مكتسبات نسائية، فإن قوانين العمل الغربية ما زالت لا تحمي المرأة من فرق الرواتب، الأمر الذي يجعل المرأة تعمل وظيفة الرجل ذاتها وعدد الساعات ذاته، لكن لكونها امرأة -فقط- تتقاضى راتبا أقل. منذ خمسين عاما، وتحديدا في يونيو/حزيران، أضربت مئتا عاملة في شركات فورد، وطالبن بمساواتهن بنظائرهن من الرجال في نفس الدور والوظيفة، وبعد عشرة أيام من الإضراب في 17 يونيو/حزيران 1968، كشفت الصحافة وبعض الحركات العمالية عن أن أغلبية النساء يتقاضين نصف رواتب الرجال في الوظيفة نفسها، الأمر الذي أشعل أزمة شديدة انتهت بالتحديد في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني للدفاع عن عدم المساواة في الرواتب، التي يبدو أنها لم تحل أزمتها حتى الآن بنهاية 2019، وما زالت النساء في بريطانيا يعانين من المشكلة نفسها. تقدر الهوة في الرواتب عام 2019 في المملكة المتحدة ب13%، والقانون يمنح المرأة التي تقاضي المؤسسة التي تعمل بها حق استرداد ست سنوات فقط بأثر رجعي، الأمر الذي يجعل المرأة لا تلجأ للقضاء لتكلفته الباهظة جدا، وعدم جدوى الدعاوى القضائية من حيث العائد المادي. ففي بريطانيا، يعد متوسط الرواتب في المهن ذات المهارة والتعليم العالي هو 45 ألف جنيه إسترليني (58 ألف دولار أميركي)، فإذا كانت المرأة تتقاضى أربعين ألف جنيه إسترليني (51 ألف دولار أميركي)؛ يصبح الفارق في ست سنوات هو ثلاثين ألف إسترليني (38 ألف دولار أميركي)، وهو قرابة أجر المحامي الذي سيتولى القضية، لكن ثمة عشرات القصص التي تجاوز فيها الفارق هذا المتوسط، وعشرات المهن التي تضاعف أجور الرجال مقارنة بالنساء. تعويض المرأة العاملة عن سنوات خدمتها بعد رفع قضية عدم مساواة لا يغطي التكاليف القانونية للقضية (بيكساباي) النساء يتوجهن للقضاء لجأت سميرة أحمد مذيعة راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى القضاء لحسم الأمر بينها وبين « بي بي سي »، وقدر المحللون الفارق بين سميرة أحمد ونظائرها من الرجال بالأضعاف. وقدمت سميرة أحمد إلى القضاء ما يفيد بتقاضيها 440 جنيها إسترلينيا، (567 دولارا أميركيا) للحلقة الواحدة، في مقابل ثلاثة آلاف جنيه إسترليني، (3869 دولارا أميركيا) لنظيرها جيمي فيرن مقدم برنامج « نقطة حوار » الذي يذاع عبر راديو « بي بي سي ». قدمت سميرة أحمد ما يؤكد أن مدة الحلقات متطابقة، وكذلك ردة فعل الجمهور ونسب الاستماع، الأمر الذي جعل المحللين يضعون قيمة تقريبية للتعويضات بما يعادل نصف مليون جنيه إسترليني على مدار خمس سنوات، إلا أن المتحدث باسم « بي بي سي » قال إن الوضع مختلف بين البرنامجين بسبب اختلاف الميزانيتين، حيث تاريخ برنامج « نقطة حوار » العريق، بالإضافة إلى كونه من الميزانية الترفيهية، وهي أعلى من الميزانية الإخبارية، نظرا للقيمة السوقية المختلفة لهما، ولا علاقة له بنوع المذيع منذ اليوم الأول، إنما العلاقة هي نوعية البرنامج والميزانية المخصصة له، حسب الغارديان. لم تجتهد « الشيف كاي كولينز » لتكتشف أنها تتقاضى راتبا أقل بستة آلاف جنيه إسترليني (7739 دولارا أميركيا)، حيث تطوع زميلها في حديث ودي بالكشف عن ذلك من دون أن يدري أنه يكشف عن عدم مساواة مجحفة لكولينز، ذات 59 عاما، والتي تنتظر التقاعد. وحسب الإندبندنت، فقد حاولت كولينز الحل الودي مع مديرها قبل أن تلجأ للقضاء، لكن الأمر لم يسفر عن شيء. كولينز ذات خبرة ومؤهلات أعلى، بالإضافة إلى أن درجتها الإدارية أعلى من زميلها، وبالفعل توجهت كولينز لتقاضي أكبر شركات تقديم الطعام الفندقي ببريطانيا متأملة في تعويض لائق، إلا أنها صرحت لاحقا بإن التعويض لم يغط الكلفة القانونية للقضية. الجزيرة.نت