كشفت دراسة جديدة أن معدل تراجع الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا قد تضاعف منذ أواخر القرن العشرين، وذلك بمقارنة بيانات الأقمار الصناعية المعاصرة بالأفلام التي تم رفع السرية عنها مؤخرا، والتي التقطها جواسيس الولاياتالمتحدة خلال الحرب الباردة. وبنى الباحثون الصورة الأكثر اكتمالا حتى الآن عن كيفية تغير مستويات الجليد في « القطب الثالث » في العالم خلال السنوات الأربعين الماضية. وأظهرت نتائج الدراسة التي أعدها باحثون في جامعة كولومبيا الأميركية ونشرت يوم الأربعاء 19 يونيو/حزيران في مجلة « ساينس أدفانس »، أنه في الفترة من 2000 إلى 2016، فقدت جبال الهيمالايا في المتوسط ثمانية مليارات طن من الجليد في السنة، بينما كان معدل فقدان الجليد من عام 1975 إلى 2000 يبلغ أربعة مليارات طن من الجليد سنويا. ويرجع العلماء السبب الرئيسي لذوبان الجليد إلى ارتفاع درجة الحرارة في جبال الهيمالايا على الأرجح، وهو ما يقدم مؤشرا على حساسية الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا لتغيرات درجات الحرارة الآن وفي المستقبل. وتعد جبال الهيمالايا أعلى سلسلة جبال في العالم، وتمثل القمم الطويلة في المنطقة مصدرا للأنهار التي يعتمد عليها ما يقرب من ملياري شخص للحصول على المياه العذبة في كل من الهند والصين وباكستان. وترسم الدراسة الجديدة لأول مرة صورة شاملة عن الانكماش الجليدي الأخير عبر ألفي كيلومتر من سلسلة جبال الهيمالايا. وتحلل الدراسة التغيرات في 650 من أكبر الأنهار الجليدية التي تشكل 55% من حجم الجليد في المنطقة. ولدراسة التغيرات التي حدثت في جبال الهيمالايا، استخدم المؤلفون فيلما عن المنطقة مأخوذا من وكالات الاستخبارات الأميركية في الفترة من 1973 إلى 1980. وتشير الدراسة إلى استخدام الأقمار الصناعية العسكرية المجهزة بكاميرا تلسكوبية للحصول على آلاف الصور في جميع أنحاء العالم. ودمج الباحثون هذه الملفات مع بيانات التصوير الحديثة المأخوذة بواسطة القمر الصناعي « تيرا » التابع لإدارة الفضاء الأميركية « ناسا ». وقاموا بتحليل مجموعتي الصور باستخدام النمذجة لإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد لسطح الجليد لكل عام عبر جبال الهيمالايا، وهو الأسلوب نفسه المستخدم في دراسة حفر المريخ. ولم تشمل الدراسة الأنهار الجليدية في جبال « قاراقورام » و »كونلون »، حيث تتبع مستويات الجليد سلوكا غير مستقر أو يزيد فيها مستوى الجليد. ولمزيد من فهم تأثير التغير المناخي على فقد الأنهار الجليدية، قام الباحثون بحساب كمية الطاقة اللازمة لإذابة كمية الجليد التي اختفت من 2000 إلى 2016. ووجد الباحثون أن زيادة درجة الحرارة اللازمة لإذابة كمية الجليد المفقودة في جبال الهيمالايا تتراوح بين 0.4 إلى 1.4 درجة مئوية في الفترة 2000-2016، عند مقارنتها بين عامي 1975 و2000. ويتفق هذا تقريبا مع حجم ظاهرة الاحتباس الحراري التي لاحظتها محطات الأرصاد الجوية الموجودة في جميع أنحاء جبال المرتفعات في آسيا.