تنظيم داعش ،برغم همجية جرائمه ووحشية أساليبه ، فقد وضع المسلمين والعرب أمام المرآة وكشف عن عوراتهم التي عجزوا عن مواراتها رغم حرير الهند ومساحيق السند . داعش يعود الفضل إليه في فتح أبصارنا عن قضايا عديدة كنا ! كشعوب وأنظمة ومؤسسات أمنية وعسكرية واستخباراتية ، نعتقد جازمين أنا حسمناها لصالحنا وأسسنا عليها تفوقنا وخيريتنا . داعش نبهنا إلى أوهامنا التي ظللنا نهيم فيها خبالا ونتلذذ باستيهاماتنا ونستبلد أنفسنا إلى أن جاء داعش بكل الجرائم الوحشية التي قطعت معها الإنسانية قرونا عددا . داعش فتح عيوننا وأزال الغشاوة عن عقولنا فصرنا وجها لوجه أمام الحقائق التالية : 1/ ساد الاعتقاد لدى عموم الشعوب العربية/الإسلامية منذ مئات السنين أن الله ينصر المسلمين على غيرهم ويمدهم بجيوش لم يروها . بسبب هذا الاعتقاد نسج شيوخ الجهاد الأفغاني أشد أنواع الترهات غرابة من قبيل رؤيتهم الملائكة تحارب على ظهور الجياد جيوش السوفييت ودباباتهم العاتية ، وكذا تحول الوحل بأيدي المجاهدين إلى قنابل مدمرة لا تبقي ولا تدر . وها هي جرائم داعش تذهل شيوخ الجهاد وتخرس دعاة المعجزات والمتاجرين بالدماء . ملايين الجنود العراقيين يفرون في الموصل وكل المناطق التي غزاها مقاتلو داعش في ساعات معدودة دون مدد سماوي ولا سند ملائكي . داعش قوته في سواعد مقاتليه ووحشية فيديوهات جز الرقاب وصلب الأطفال وسبي النساء .
2/ تراثنا الفقهي وفكرنا الديني منبع للتطرف وللهمجية المقيتة وللدموية الوحشية . داعش قتل الأبرياء وجز الرقاب وسبى النساء وباعهن جواري باسم الدين وبتشريع من الفقه الموروث عن عصور الانحطاط . داعش يتغذى في جرائمه على التراث الفقهي الذي أنتجه كبار الأئمة ودوّنه الرواة الثقاة . تراثنا سكاكين وسيوف لازالت تقطر دم الرقاب التي جزتها لدوافع سياسية ومذهبية . كل ما فعله داعش أنه استل السيوف وأعاد إليها مجدها وفاعليتها . تراثنا يحرض على الذبح وجز الرقاب تقربا إلى الله وامتثالا لأوامره . هذا التراث الفقهي خزان لا ينضب يغذي كل الميول العدوانية ويحرض على الكراهية والهمجية .
3 / إن الانتكاسة الحضارية التي لحقت بالمسلمين وطال أمدها ، صارت مركبا نفسيا وثقافيا وعقائديا استحال على المسلمين هضمه واستيعاب عوامله الحقيقية . هنا يطفو العامل العقائدي في بعديه النفسي (كراهية الآخر وبغضه والنفور من انتاجاته الفكرية وتجاربه السياسية) والسلوكي ( جز الرقاب وسبي النساء وتدمير الآثار ) . فكان لداعش فضل الكشف عن لاوعينا الجمعي وميولنا العدوانية وعقائدنا التدميرية .
4 / عجزنا المركب عن استيعاب التراكمات الحضارية ومجاراة الخطى الإنسانية نحو الارتقاء القيمي ولد فينا على الدوام ميول التخريب ونزعات التدمير وعشق سفك الدماء وهوس اغتصاب النساء .
5 / إن كل الأسلحة التي نكدس ونصرف على اقتنائها وصيانتها ملايير الدولارات بدون حساب ، تكون فعالة وقاتلة ورادعة فقط ضد المواطنين العزل وفض الاحتجاجات من أجل الخبز والكرامة ، لكنها تصير خردة أمام سيوف الدواعش وبنادقهم .ملايين الجيوش تفر مذعورة أمام جحافل داعش دون أدنى مواجهة .
6 / إن الجيوش المجيشة لا تحمي الأوطان ولا الأعراض ، فهي أعجز عن مقاتلة الدواعش الهائجة . فلداعش الفضل في كشف حقيقة هذه الجيوش ووظيفتها الأساسية التي لا تتجاوز حماية الأنظمة من الشعوب المقهورة .
7 / إن حماية الأوطان من مهام الأمريكان ، هم وحدهم الأقدر على حمايتنا من داعش ، وأما عتادنا العسكري وجيشنا الجرار وجنودنا البواسل ، فكأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ( 1 مليون جندي عراقي في الموصل تركوا أسلحتهم وغيروا ألبستهم وفروا من أمام داعش ذعرا وذلا ).
8 / داعش تنظيم بخمسين ألف مقاتل يهزم مئات الألوف من الجيوش النظامية قبل المواجهة . إنها هزيمة نفسية وفكرية قبل أن تكون عسكرية . فهل يصدق على داعش قوله تعالى ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة)؟ أمريكا ستثبت أن غلبة داعش لم تكن بإذن الله ، لكن بانهزامية الجيوش والأنظمة .
9 /أمريكا باتت مؤمنة ومتجاوبة مع الأمر الإلهي (وإن استنصروكم فعليكم النصر) . المسلمون يستنصرون الأمريكان ضد داعش ممثلة الإسلام ومطبقة شرعه . فلولا نصر أمريكا لأقام تنظيم داعش خلافته على كل بلاد الإسلام . فشكرا لتنظيم داعش الذي جعل المسلمين يتبرؤون مما أنتجوه من إسلام وعنه ، وما راكموه من فتاوى القتل وجز الرقاب وسبي النساء واغتصاب العذارى وهتك الأعراض. شكرا لداعش أنها جعلت المسلمين ضحية فقههم وأذاقتهم سموم طبخهم وفقا للمثل المصري (طباخ السم بيذوقو) .