مرة أخرى يبدع أستاذ التاريخ محمد الناجي في نحت الكلمات المفكر فيها. في وضع الأصبع على الجرح.. في تبليغ الرسالة تلو الأخرى. حيث كتب عن مغربيات يقتلهن الغبن وهن يمنعن باسم الدين والتقاليد والعادات والتراث من توديع أحبائهن في المقابر. في الحقيقة النص الذي صاغه باللغة الفرنسية ونشره على حائطه على الفايسبوك، لا يحتاج إلى تقديم، وهذه محاولة من « فبراير.كوم » لترجمة واحد من أبلغ نصوص الكاتب. « كنت أود أن لا أصمتفي يوم من الأيام. أريد ان أرى أمي تدفن. ذهول وحدة مؤلمة جراء فقدان طفل عزيز. أنا غاضب من نفسي لأنه رغم وصمة الحزن التي تظهر على وجهها، وفخذيها اللتان تحترقان من الألم، ورغم احمرار عينيها، أنا غاضب من خروج الفقيد العزيز المتوفي، بينما ظلت الأم في المنزل. أنا غاضب من صمتي المتواطئ مع الذكور، الذي يسلك معظمهم الطريق إلى المقبرة برؤوس عالية، دون أن تسيل الدموع من مقلتيهم. أقول لك الآن: اذهبي، وأدفني أمك في الأرض لتقولي لها وداعا، الوداع الوحيد الذي ستسمعه. ضعيها في الأرض بنظرات المحبة وبعض كلماتك التي أعتقد، أكثر أهمية من تلك التي في القرآن الكريم. ادفنيها، وأنا لا أقول ذلك ببساطة لأن الزمن قد تغير، بل أقول ذلك لأنه ظلم إنساني من البداية، منذ البداية، اغتصاب، إنكار الحب الأكثر عطاءا، ما أسعد الحب عندما يحمل الإنسان أحدا من أفراد أسرته. هؤلاء الذين يفتخرون بسلك طريقهم الى المقبرة وحدهم، ويحرمكن من اللمسات الأخيرة والقبلات الأخيرة، وهم الذين يرثون أكثر منكن، ويهرعون لدفن أحد أفراد الأسرة في الأرض. ادفني أمك لإخبارهم بأنك هنا، وأن تاريخهم المتمحور حول الصفاء والقذارة قد انتهى والكثير منهم أخلاقهم سيئة للغاية. ادفني أمك حتى ترقد في سلام. إذا كانت أسماءها جميلة اسمحي لها بالسماع لها. أن تسمع صوتك أفضل من تلك الأصوات التي تقرأ عليها، دون أي احساس بالألم الذي يمزقك. ادفني أمك، إنه حقك. »