كتبت صحيفة « لوموند » الفرنسية أن شبكات التواصل الاجتماعي، والمواقع الالكترونية المحلية والوطنية أعطت زخما كبيرا لحراك الريف، لكن الدولة استطاعت التكيف مع هذه المتغيرات، بدليل أنها تدخلت لقمع الاحتجاجات غير آبهة بالتغطية الرقمية للحراك، بحسب الصحيفة. الصحيفة الفرنسية اعتبرت أن احتجاجات الريف تعد أول انتفاضات جماعية بعد تلك التي عرفها المغرب سنة 2011 ابان « الربيع العربي »، وحركة 20 فبراير، لكن ما يميز حراك الريف، بحسب ذات الصحيفة، هو التطور الملفت في استعمال شبكات التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الجديدة للهواتف الذكية التي أتاحت للجميع متابعة ما يجري في منطقة الريف على المباشر، في ظل توجه السلطات الى التعتيم الاعلامي على الحراك. وأشارت ذات الصحيفة الى أن ظهور تطبيق « الفايسبوك » لايف » سنة 2016، كان حاسما في حراك الريف، حيث أسهم في البث المباشر للمسيرات الشعبية بالحسيمة ونواحيها، والاحتجاجات اليومية، والقمع الذي واجهت به السلطات هذه الاحتجاجات. فقد سنحت الصور، والفيديوهات التي كانت تأتي من الريف، تردف « لوموند »، في اعطاء صورة أخرى عن المنطقة، المرتبطة في المخيال الشعبي عند العامة، والسلطة بالمنطقة « المتمردة »، و « المحافظة » مقارنة بباقي مناطق المغرب، حيث أظهرت الصور ومقاطع الفيديو صفوفا من الشباب مصطفين لحماية ممتلكات العامة، ومؤسسات الدولة، وفي أحايين أخرى شبابا ينظفون الشوارع بعد كل مسيرة، كما أن شبكات التواصل الاجتماعي سلطت الضوء على مكانة المرأة الريفية والتي تصدرت الحراك من أيامه الأولى. وأضافت الصحيفة الفرنسية أن المواقع الالكترونية المحلية والوطنية أسهمت في بروز « قيادات » ريفية كقائد الحراك، ناصر الزفزافي، والذي عرف عند سكان الريف منذ احتجاجات 2011، عندما كان يبث مقاطع فيديو على « اليوتوب » يعري فيها الأوضاع بالمنطقة، والتهميش الذي تعاني منه، قبل أن يصير « قائدا رمزيا » للحراك بعد مصرع السماك، محسن فكري. المغاربة المقيمين في الخارج، تردف « لوموند »، لعبوا دورا كبير في التعريف بانتفاضة الريف، اذ أسهموا في التعريف بقائده، ناصر الزفزافي من خلال الوقفات التضامنية التي نظموها في عدد من العواصم الدولية ; كبرشلونة ودوسلدورف، مما أضفى على الحراك بعدا دوليا تجاوز الحدود. وأشارت الصحيفة ذاتها الى أن الدولة المغربية حاولت وضع الاحتقان في الريف تحت السيطرة، عندما ضاقت ذرعا من الانتشار الكبير، والسريع للأخبار والمعلومات حول الحراك، اذ عمدت الى اعتقال عدد من الصحفيين المشتغلين في مواقع محلية، واتهمتهم بتهم « التآمر ضد أمن الدولة » و « انتهاك مهنة الصحافة »، على أساس أنهم لا يتوفرون على البطاقة المهنية للصحافة، وهو الوضع الذي دفع بمنظمة « مراسلون بلا حدود » الى دانة موقف السلطات تجاه « الصحفيين المواطنين »، وهوت بالبلاد الى المرتبة ال133 في التصنيف العالمي الأخير لحرية الصحافة من أصل 180 دولة التي شملها تقرير المنظمة الدولية. موقف السلطات المغربية، تتابع « لوموند »، تجاه الصحفيين، دفعها الى اعتقال مدير موقع « بديل.أنفو »، حميد المهدواي، المعروف بانتقاده اللاذع للسلطة، حيث توبع بتهمة « تحريض أشخاص على ارتكاب جنح بواسطة الخطب والصياح في مكان عمومي »، ليدان بثلاثة أشهر حبسا نافذة وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم. وزادت « لوموند » أن السلطات المغربية فطنت مبكرا الى أهمية الحضور على المستوى الرقمي، حيث تكيفت بدورها مع « اللعب الرقمي الجديد » في الميدان، فلجأت الى « الدعاية الرقمية »، وقطع الانترنت، في محاولة لإضعاف الاحتجاجات، والتقليل من زخمها، فضلا عن انشاء صفحات، وحسابات بأسماء وهمية مستعارة، استعملت منذ اندلاع الشرارة الأولى لحراك الريف، في الإساءة، وتشوية سمعة قيادات الحراك، والمعارضين، وشيطنتهم، من خلال اتهامهم ب »الانفصال »، و »تلقي أموال من الجزائر »، فضلا عن نشر تغريدات على مستوى « الفايسبوك »، و « التويتر » تدعو الى التمسك بالوطن، والدفاع عنه ضد « خونة الداخل »، في اشارة لقيادات الحراك، والمتظاهرين.