إستقبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان عشية اليوم الأربعاء 21 يونيو 2017 العائلات السورية التي أمضت أكثر من شهرين بين الحدود المغربية والجزائرية، بعد تعليمات الملك محمد السادس يوم أمس الثلاثاء 20 يونيو 2017، للسلطات المعنية لمباشرة « المعالجة الفورية لوضعية مجموعة من 13 أسرة من جنسية سورية توجد منذ عدة أسابيع على الحدود الجزائرية المغربية ». العائلات 13 السورية التي صمدت أمام حر النهار وصَرّ الليل بالصحراء، لم تقطع فقط حوالي 831 كيلومتر، المسافة الفاصلة بين فكيك والرباط العاصمة بالحافلة التي تأخرت بهم في الطريق، بل تحملت لحوالي شهرين من الزمن المكوث في منطقة صحراوية بالحدود بين مدينتي فكيك المغربية وبني ونيف الجزائرية، ورؤية بلد يُقتل أبنائه وتُقصفُ مبانيه من كان يوما ملجأ للشعوب العربية. عودة من الجحيم مع إقتراب الحافلة من مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان لوحت طفلة بشارة النصر كإعلان عن انتصارهم على الموت الذي ظل يلاحقهم طول الطريق الممتدة من سوريا إلى المغرب، وهي نفسها الطفلة التي عبرت لموقع « فبراير.كوم »، عن فرحتها الشديدة بعد القرار الملكي بتسوية وضعيتهم، والتي ظلت تُراوح مكانها وتلتف يُمنة ويسرة لتقول « شكرا للمغرب »، والتي تحمل « هم الرجال ». وحول طموحهم البقاء في المغرب أو مغادرته، عبر أفراد ل »فبراير.كوم » عن رغبة البعض في البقاء في المغرب لوجود عائلاتهم هنا، في حين شدد أحد الشباب السورين عن طموحه للذهاب إلى إلمانيا للإلتحاق بأخيه، وفي نفس السياق شدد حمضي عبد الرفيع مدير الحماية والرصد بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان على حرية الأفراد السورين في الإلتحاق بأي دولة يرغبون بها، لأن لبعضهم رتباطات عائلية. وقال مُمثل العائلات السورية في الندوة الصحفية التي أعقبت إلتحاقهم، بقوله « شكرا للملك على إنقادنا من الصحراء »، ووصف المعاناة التي لاقوها في « الحدود » بالقاسية، مشيدا بكل من ساهم من قريب أو بعيد، وأشاد مُمثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب جان بول كافاليري، بقرار المغرب الذي مكن من دخول الأسر السورية، وانها أتت متوافقة مع اليوم العالمي للاجيئن. حكى طفل سوري ل »فبراير.كوم »، إبن مدينة دمشق السورية، والذي تعلوه علامه الصمود وقهر الطريق، متخضبة بالفرح، أنه إنتقل برُفقة العائلات من سوريا بعد إشتداد الإقتتال، نحو دولة السودان التي لبثو فيها قُرابة ستة أشهر، بعدها قرروا التوجه نحو ليبيا التي قضوا فيها خمسة عشرة يوما، ومنها إلى الجزائر، والبحث عن الملاذ الآمن عبر الوصول إلى المغرب، إما إستقرارا به أو طريق للعبور نحو عائلاتهم بأوروبا. وأضاف أنه مباشرة بعد قرار الملك إستقبال العائلات ثلاث عشر السورية، المتكونة من من 28 فردا منهم 12 طفل و 8 نساء و 9 رجال، إستقبلتهم السلطات المحلية، وتم تنظيم إفطار على شرفهم، ومع زوال اليوم الثلاثاء إنطلقت رحلة العائلات نحو مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالرباط، ليقطعوا عشر ساعات من الطريق من بوعرفة إلى فكيك ومنها إلى فاس وبعدها مكناس فالرباط. مع نزولهم من الحافلة التي نقلتهم من الصحراء للعاصمة، تعالت الإبتسامة على وجوهمم، وألح الأطفال من وراء الزجاج على التعبير عن فرحتهم، فما إن توقفت حتى نزلت الواحد تلوى الأخر تعلوهم الدهشة، بملابس لا تخفي حجم المعاناة بل تُظهرها، وبعض السوريات يلبسن « الجلابة » كإعلان عن كرم أهل بوعرفة وفكيك، وبعد الندوة الصحفية، إنسجموا مع الحضور وتقاسموا وأهل الإعلام معانتهم، فأصبحوا وكأنهم عائلة واحدة. أسر سورية مبادرة انسانية بعد مناشدة عدة جمعيات وطنية ودولية وفعاليات مجتمعية، أعلن الملك محمد السادس يوم أمس الثلاثاء، « نظرا لاعتبارات إنسانية وبصفة اسثنائية، أعطى الملك تعليماته إلى السلطات المعنية لمباشرة المعالجة الفورية لوضعية مجموعة من 13 أسرة من جنسية سورية توجد منذ عدة أسابيع على الحدود الجزائرية المغربية. وأضاف بلاغ الصادر عن الديوان الملكي، عن إستقبال المغرب للعائلات السورية، « يعكسُ الالتزام الإنساني للمملكة في معالجة إشكاليات الهجرة، كما أنها تأتي في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الأبرك، شهر الرحمة والتضامن، ويتعلق الأمر بإجراء ذي طابع استثنائي أملته قيم إنسانية. » وعن محاولة الجزائر تفسير خطوة المغرب بإستقبال العائلات السورية بأنها رسالة سياسية، شدد عبد الرزاق الحنوشي، مدير ديوان رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المغرب يرتقي عن ردود الفعل، وانها مبادرة إنسانية بالذات، وأنهم عاشوا ظروفا صعبة، وبلاغ الديوان الملكي كان جد واضح وهو يركز على الطابع الإنساني للمبادرة.