من المرجح أن تُبرز الزيارة التي قام بها لواشنطن مؤخرا وزير الداخلية السعودي، النافذ، الأمير محمد بن نايف، مظهرين من أبرز ملامح المستجدات في المعادلة السعودية الداخلية، يتمثلان في تطبيق مقولة أمريكية دارجة بعنوان "ثمة شريف جديد في المدينة" أولا وفي تكريس ابتعاد الأمير الجدلي بندر بن سلطان عن واجهة الحكم. وقفة الأمير محمد بن نايف الأخيرة في واشنطن بدت فارقة، وتؤسس لطبقة جديدة في مؤسسة الحكم السعودية، قوامها امتداد نفوذ الأمير محمد وزير الداخلية القوي إلى الأجندة الاقليمية والخارجية، حيث قام بزيارة واشنطن مباشرة بعد سيطرته المطلقة على "فلتر حساس" جدا في المؤسسة السعودية، هو مجلس أمن الدولة الذي كان يترأسه الأمير بندر، الذي يصول ويجول فيه عبر نائب بندر الأمير محمد بن نايف.
الأمير محمد التقى مسؤولين كبار في واشنطن من المستوى الأمني والسياسي، وتحدث حسب معلومات "العرب اليوم" عن خطته لمكافحة الإرهاب، وتغيير الصورة في السعودية، متجاوبا فيما يبدو مع دعوات في الإدارة الأمريكية، تتحدث عن السعودية باعتبارها راعية لبرامج دعم التشدد في أكثر من بلد عربي في الجوار. زياة الأمير تعني أن واشنطن تستمع للمستجدات في مربع القرار السعودي على قاعدة منح القائد الفعلي الجديد لمجلس الأمن الوطني السعودي، وهو الأمير نفسه، فرصة العمل والإنجاز، وفقا لقواعد جديدة في اللعبة، خصوصا وان الملك عبدالله بن عبد العزيز شخصيا خرج علنا مرتين لتأييد خطة مكافحة الارهاب التي وضعها الأمير بن نايف.
وتعني بأن برنامج الأمير بندر بن سلطان لم يعد قابلا للحياة أو معتمدا في مؤسسة القرار السعودية، كما تعني بأن الرياض ضمنيا وبكل اللغات توافق ضمنيا على مشروع إبعاد بندر، وتعمل على إحلال شخصية أمنية رفيعة بمستوى الأمير محمد بن نايف في مكانه، وهو الذي سيكون اللاعب الأبرز في مستوى الملفات الأمنية سعوديا في المرحلة اللاحقة. وقفة بن نايف المهمة في واشنطن تم التمهيد لها بتعديلات جوهرية على قانون مكافحة الإرهاب، مدت نفوذ وزارة الداخلية كما قالت "العرب اليوم" سابقا إلى مستويات المناورة في الأمن الإقليمي والذراع الخارجية، ما سيلقص دور ونفوذ جهاز الاستخبارات السعودي لمصلحة وزارة الداخلية بقيادة بن نايف. النتيجة سياسيا، واضحة، ويمكن قراءتها على شكل برنامج أمني سعودي مستجد في الملفات الاقليمية والخارجية.
يعني ببساطة تغيير الاستراتيجية الأمنية في لبنان وشمال وجنوب سورية، وكذلك في محافظة الأنبار العراقية، والأهم في الداخل السعودي على شكل تجفيف منابع "الجهاديين السعوديين" وهو الأمر الذي تقول مصادرنا أن الأمير القوي محمد بن نايف إلتزم به في واشنطن.