يبدو أن العالم الرقمي قد أثر في حزب العدالة والتنمية، وغير الكثير من ملامحه، وأصبح للغة الأرقام في موقع يوتيوب، الكلمة الفصل في تحديد نجاح حكومة بنكيران، بعد أن غذا يستدل في خطابه بعدد مشاهدات الويب، ويستخدمها كمؤشر قوي على الرخاء الاجتماعي الذي يعيشه المغاربة، كما جاء في تدوينة أحمد الشقيري، عضو المجلس الوطني لحزب المصباح، الذي كتب على صفحته الرسمية » بلغت أغنية « غلطانة » للفنان المغربي سعد المجرد 14 مليون مشاهدة في ظرف أسبوع واحد..! ان هذا الإقبال الكثيف على سماع "غلطانة" دليل الشبع والاطمئنان، ولله الحمد..! وهذا بمنزلة استفتاءات الرأي التي منعتها الداخلية..! »، هذا يدعونا إلى تذكير الحزب بأرقام عالمية مهمة تم إغفالها أو تجاهلها، وهي تلك التي حققها مهرجان موازين، الذي صنف الأول عالميا وبلغ جمهوره »2مليون »، مما يحتم على العدالة والتنمية اليوم مراجعة حساباته، بعيدا عن التناقض، ومساندة الفن، والفنان المغربي، « خاصة وأن أحد برلمانييه فنانا »، واحترام المواطن الذي يستمتع بإنجازات حكومته، مادام استماعه إلى الأغاني يعد مؤشرا مهما في بورصة الرخاء الاجتماعي. « اسأل لمجرد…لا تسأل الناخب » هكذا عنون الشقيري، تدوينته الفيسبوكية، التي أثارت الكثير من الجدل مع قرب الانتخابات، لم يطلب المدون أن نسأل لمجرد لأنه « ماشي ساهل »، أو « معلم »، كما يلقبه جمهوره ومحبيه، بل لأن « غلطانة » طبعا ليست الحكومة، هي أغنية سعد لمجرد الأخيرة التي أطلقها منذ بضعة أسابيع، وفاق عدد مشاهداتها « 60 مليون » على اليوتيوب، تدل على الرخاء، والرغد الذي ينعم بهما الشعب المغربي، حسب القيادي ب »البيجيدي » و »التوحيد والإصلاح »، الذي شبه إقبال المغاربة على سماع الأغاني بدعوة بطن شبعان للرقص ليس إلا، معلقا: « هذا إن دل على شيء فإنه يدل على نجاح الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية، لأن أهم مؤشرات نجاح أي حكومة إثنان الاستقرار أو الأمن والثاني توفير المواد الغذائية بثمن مناسب، وفي المثل المغربي الشائع « البطن إذا شبع يقول للراس غني..! ». وختم الشقيري، صاحب « فتوى الساعة الجديدة والجماع »، تدوينته ب »تنبيه هام » أبدى فيه قلقه من استقطاب حزب منافس للفنان سعد لمجرد، الذي ساهم بنفس ذكاء الاستراتجية التي أوصلت اللهجة المغربية إلى قلوب العرب، في أن يجعل البيجيدي يعترف بعالم الويب، ويعتمد أرقامه، ويصالح موازين بأشد معارضيه، عبر لغة الفن والثقافة حيث لا مجال لاختلال الموازين « على الداخلية أن تمنع الفنان المجرد من الترشح أو مساندة حزب بعينه في الانتخابات على غرار منع أئمة المساجد..! » يعلق القيادي نفسه منبها وزارة الداخلية من اكتساح حزب لمعلم. ماذا لو ساند حزب العدالة والتنمية مهرجان موازين وأصبح من أول المتفرجين والمساندين له وللنجم سعد لمجرد ألن يجذب أصوات الناخبين أكثر؟ أليس موازين دليلا على الرخاء والاستقرار وهو يجلب أعتى الأصوات العالمية إلى منصات الرباط مجانا للمغاربة؟ لماذا لا يحترم الجمهور » لي شبعات كرشو وقالت للراس غني » وتركه يستمتع بمنجزات حكومته؟ هل يراهن الحزب القائد للحكومة على الفن والثقافة في حالة فوزه بولاية ثانية ام هي مجرد حملة انتخابية رقمية عنوانها « غلطانة »؟ كلها أسئلة وأخرى تراودنا جميعا قبل استحقاق أكتوبر المقبل، ربما يفعلها مكر التاريخ، ويصالح الفن والثقافة، بالسياسة من أجل رخاء اجتماعي حقيقي فوق أرض الواقع.