إذا كان من يطلبون حق اللجوء في دول أخرى خلال السنوات والعقود الماضية تدفعهم إلى ذلك عوامل مرتبطة إما بحريتهم وحياتهم التي يهددها خطر من الأخطار، حيث يحاولون لتأمين ذلك الوصول إلى دولة ما فيها من الضمانات ما يجعلهم يطلبون اللجوء، ونفس الأمر بالنسبة لكل هذه الأعداد من الهاربين من جحيم الفقر والبطالة والتهميش الذي يرشحون أنفسهم لمصير لا أمان فيه ولا ضمانة، حيث يقررون الهجرة في ظروف خطيرة طلبا للجوء الاقتصادي، فإن السنوات القليلة الأخيرة شهدت ظهور أسباب ودوافع جديدة وراء تزايد نوع من الطالبين للجوء. ففي إسبانيا مثلا، أقرب جار أوروبي جغرافيا للمغرب، ازداد عدد المثليين والمثليات جنسيا الذين قرروا الهروب من المغرب والتقدم بطلبات اللجوء لديها، حيث أورد تقرير حديث معطيات وأرقام مثيرة حول هذه الظاهرة. المعطيات الحديثة التي أوردها تقرير لصحيفة « إلموندو » الإسبانية، واسعة الانتشار، أفادت أنه خلال الشهور الأولى من سنة 2016 الجارية وحدها توصلت السلطات الإسبانية ب45 طلبا للجوء، سبب تقدم أصحابها بها راجع إلى معاناتهم في بلدهم الأصل جراء كونهم مثليين جنسيا. فيما بلغ عدد الطلبات خلال الشهور الخمسة عشر الأخيرة أزيد من 89 طلبا. وهو ما يبرز كون العدد في اطراد وتصاعد، يظهران حجم خوف هؤلاء المثليين ومعاناتهم بالمغرب. وهذا طبيعي، بحسب التقرير، والذي أشار إلى ما يتعرض له هؤلاء من إقصاء وعزلة اجتماعية، كما يتعرضون للضرب والتعذيب واعتداءات من طرف المجتمع. وحتى القانون المغربي صريح بهذا الصدد، حيث يعتبر المثلية جريمة، كما يرحم ممارسة شخص للجنس مع شخص من نفس الجنس. ذلك يعتبر جناية يعاقب عليها القانون الجنائي بعقوبات سجنية قاسية. فالمادة 489 من القانون الجنائي المغربي واضحة بهذا الخصوص، حيث تقول بأن ممارسة الجنس بين طرفين من نفس الجنس بالرغم من كونهما اختارا ذلك يعاقب عليه بمدة تتراوح بين 6 أشهر إلى ثلاث سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية. واستحضر التقرير ما تعرض له مثليين ببني ملال مؤخرا من تعذيب من طرف أشخاص اقتحموا عليها باب بيتهما وأشبعوهما ضربا وركلا، قبل أن تتم محاكمتهما، حيث أدين المثليان بعقوبة سجنية موقوف التنفيذ. كما أكد على تحركات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية المغربية وتنديدها بما تعرض له هؤلاء. كما استعرضت الصحيفة الشهيرة شهادات عديدة لمثليين ومثليات يوجدون منذ شهور وأسابيع بمركز الإيواء المؤقت للمهاجرين بمدينة مليلية الخاضعة للنفوذ الإسباني. وقد أكد أغلب هؤلاء أنه سبق لهم أن تعرضوا مرات متكررة للتعذيب والضرب، إما من طرف أحد أفراد العائلة أو المجتمع على خلفية ميولاتهم الجنسية. وهو ما جعلهم يقررون في نهاية المطاف مغادرة المغرب بشكل نهائي والتقدم بطلب اللجوء لدى سلطات إسبانيا، التي تعترف بحقوق المثليين ولا تعاقب على ذلك قانونيا، وفق تأكيدات التقرير نفسه.