وجه المصطفى المعتصم، أمين عام حزب البديل الحضاري المنحل رسالة إلى رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند تحمل العديد من الإشارات على عدة مستويات خاصة ما يتعلق بالتعاطي مع الهجمات الإرهابية الأخيرة التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس ومخطط داعش وكيفية التصدي له ومشكلة المهاجرين المسلمين في فرنسا. الرسالة المؤرخة ب 23 نونبر من العام الجاري والتي تتوفر « فبراير.كوم » على نسخة منها انطلقت من إدانة الهجمات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت عاصمة الأنوار وخلفت 130 قتيلا وجرح المئات، حيث عبر المعتصم عن حزنه وألمه لمشاهد القتل التي تعرض له المدنيون العزل الذين كان ذنبهم الوحيد هو تواجدهم في المكان والزمان الذي ضرب فيه الإرهاب الداعشي. « إنه ذات الحزن والألم الذي انتابني يوم 11 شتنبر 2001 حين ضرب الإرهاب نيويورك . وهو نفس الحزن والألم الذي ينتابني كلما سقط مدنيين أبرياء لا ذنب لهم في لعبة الجنون التي يلعبها المتعطشون إلى السلطة والهيمنة والتحكم والثروات في أفغانستان والعراق وسوريا وغزة ولبنان واليمن والسودان والصومال ومالي وليبيا ونيجيريا ومصر ». وأوضح المعتصم أن ما وقع في باريس وفي العديد من بقع العالم ينذر بوجود شي خاطئ ينبغي معالجته حتى لا تزداد الأمور تعقيدا « قد يكون مرتبطا بأزمة نظام عالمي يتداعى ويتآكل وأزمة عولمة نيوليبرالية عولمة الفقر واستغلال الشعوب ومصادرة خيراتها لفائدة حفنة من الجشعين الأوليغارشيين عبر قاريين مما يرشح العالم إلى المزيد من والعنف والفوضى والخوف « . وخاطب المعتصم الرئيس الفرنسي قائلا « لا أتصور اليوم، سيدي الرئيس، أن تتمكن حفنة من الإرهابيين من تحريف فرنسا عن قيمها ومبادئها وإن حدث هذا الأمر فقد يكون الإرهابيون قد حققوا أكثر مما كانوا يهدفون إليه ويحلمون به . فرنسا اليوم برغم الجراح وفظاعة الهجوم الذي تعرضت له ليست بحاجة إلى « باتريوت آكت « (patriot act ) فرنسي فكلنا يعرف جيدا أن هذا العقد المشؤوم لم ينه العنف والقتل في مدارس وجامعات وأسواق الولاياتالمتحدةالأمريكية ». وأكد في ذات الرسالة أن رد فرنسا الحقيقي على داعش يجب أن يكون بتجديد تعاقد الفرنسيين على المزيد من دعم الحريات وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات والمواطنة وعبر تجاوز التهميش وعدم الإدماج الذي طال بعض فئات المجتمع خصوصا تلك المنحدرة من مهاجرين وفي مقدمتهم المسلمين وعبر تعميق الأخوة بين الفرنسيين على اختلاف مرجعياتهم العرقية والدينية والثقافية والسياسية . وأضاف « صحيح أن فرنسا في حاجة إلى تدابير فورية آنية لحماية حق من حقوق الإنسان الفرنسي، وكلي ثقة أن الفرنسيين لهم من القدرة على الإبداع ما سيمكنهم من تحقيق هذا الأمن وضمان هذا الحق في الحياة من دون انجراف وراء خيارات تمليها حسابات انتخابية ضيقة ». وتطرق المعتصم إلى نقطة توقيف أئمة المساجد الذين ينشرون فوق أراضيها العنف والكراهية والتطرف والإرهاب ولكن دعا في المقابل إلى تعويضهم بآخرين لهم من المصداقية والقدرة العلمية والمعرفية ما يمكنهم من مساعدة مسلمي فرنسا على بلورة وعي ديني حضاري متمدن و بناء يدفع لعمارة الأرض وخدمة الإنسان أي إنسان. واعتبر المعتصم أن المقاربة الأمنية ضرورية لحماية الأرواح والممتلكات ولكنها على أهميتها وأولويتها تبقى غير كافية لوحدها إذا لم تواكبها المقاربة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية و العقائدية والتأويل القويم لمبادئ ومقاصد الدين وفي مراعاة تامة لطبيعة تكوين المجتمع الفرنسي المتعدد والمتنوع. وشدد على أن » داعش » تتمنى لو تحصل اليوم على تجاوزات في حق المسلمين في فرنسا كي يحاولوا أن يقنعوا شباب العالم الإسلامي وشباب فرنسا المسلم أن فرنسا دولة صليبية تناصب العداء للإسلام وهي دار حرب يجوز استباحتها وقتل مواطنيها أينما وجدوا . مشيرا إلى أن » فرنسا أكبر من أن تسقط في مخطط داعش وأكبر من أن تقع في شراك اليمين العنصري المتطرف بحكم تجربتها الكبيرة في مواجهة العنف والتطرف والإرهاب ». ودعا المعتصم الرئيس الفرنسي إلى تبني « مقاربة شاملة ومراجعة عميقة للمواقف والاصطفافات و إعادة تقييم علاقات فرنسا مع دول وشعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبلاد الساحل وإعادة النظر في أدائها وتعاطيها مع مشكل الهجرة واستيعاب المهاجرين ومشكلة الإدماج الذي يتعطل أو لا يجد الطريق سالكة على المستوى الداخلي .