الزيادة في الأسعار آتية لا ريب فيها، باعتبارها نتيجة طبيعية لتخفيض نفقات صندوق المقاصة من 53 مليار درهم برسم قانون ميزانية 2013 إلى 42 مليار المصرح بها في قانون 2012 . وبغض النظر عن نفي محمد نجيب بوليف وزير الشؤون العامة والحكامة من كونه لم يصرح ل "رويتز"، بأن تحرير أسعار بعض السلع الأساسية سيتم بعد أسوعين، فمنطق الأشياء لا يمكن إلا أن يسير في هذا الاتجاه.
وبلغة الحساب فإن دعم غاز البوطان يكلف صندوق المقاصة 15,8 مليار درهم، ويخصص للمحروقات ( الفيول، الكازوال، البنزين) 32,8 مليار درهم، ليصبح المجموع 48 مليار درهم، مضافا إليه 5 مليارات من الدرهم وهو الغلاف المالي الموجه لدعم السكر والدقيق، وهو ما مجموعه 53 ملياردرهم.
هذا الغلاف تؤكد الحكومة أنها ستخفضه إلى 42 مليار درهم، وهو ما يقتضي حدف الخمسة مليارات المخصصة لدعم المواد الأساسية، ومع ذلك فإن الباقي هو 48 مليار درهم، مما يستدعي منها حذف 6 مليار أخرى لتصل إلى عتبة 42 مليار درهم.
وهو ما يطرح السؤال عن كيفية تدبير كتلة هذا الغلاف المالي إن لم تعتمد الزيادة في الأسعار، وإلا على المنتجين الذين يزودون السوق بالدقيق والسكر والمحروقات أن يخفضوا من الأثمان وهذا غير ممكن وبالتالي فإن المواطن هو الذي سيؤدي هذه الزيادة.
وبمنطق الحساب دائما يمكن اللجوء إلى الزيادة في أسعار المحروقات، في حدود درهمين مثلا فينتقل اللتر الواحد من 7 دراهم إلى 8 دراهم فينسحب ذلك على الدعم بتخفيضه من درهمين إلى درهم واحد، يؤديه المواطن من جيبه بدل الحكومة.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة نفسه عبر عن ذلك بقوله في تجمع حزبي أنه سيقدم على قرارات مؤلمة، وما ورد أيضا على لسان بوليف في تصريحه لوكالة "رويتز" حتى وإن لم يقر به، فإنه منسجم أشد الانسجام مع سياسة الحكومة القاضي بخفض الانفاق على الدعم بنسبة 20 بالمئة إلى 42 مليار درهم (خمسة مليارات دولار) أو أقل. وهذا ضمن حدود موازنة 2013 التي قدرت على أساس سعر نفط عند 105 دولارات للبرميل.
إن ما يجعل بوليف يتراجع عن تصريحاته، هو إدراكه أو تنبيهه أن الإشارة إلى توقيت دخول القرار حيز التنفيذ بعد أسبوعين من الآن يمكن أن يشعل المضاربات في الأسواق. وقد يثير غضب الشارع، وقد يرفع من حدة هجوم شباط على بنكيران، خاصة وأنه ظل يتهمه بتخفيف وزن غاز البوطان، دون أن يعقبه ذلك، مبادرات على المستوى السياسي لفتح تحقيق في هذا الأمر من طرف البرلمان والمجتمع المدني خاصة جمعيات حماية المستهلك.
وإذا كانت الحكومة تقول هي نفسها أن الإصلاحات العامة لصندوق المقاصة باتت جاهزة من الناحية الفنية والتي تشمل حسبها مساعدات مباشرة للأسر الأكثر فقرا وبعض الإجراءات لمساعدة الطبقات المتوسطة، فهي مطالبة بالكشف عن خطوط هذا الاصلاح للرأي العام.