يبدو أن المغرب في مقدمة الدول العربية التي تدافع عن حرية التعبير، على الأقل سينمائيا، فالفيلم اللبناني الذي حاز على الجائزة الكبرى لمهرجان مراكش الدولي، منع من العرض في العالم العربي. فقد أحدث فيلم "هجوم" للمخرج زياد دويري جدلا، بعد أن وافقت السلطات اللبنانية على عرضه ثم تراجعت ومنعته. الفيلم لم يمنع في لبنان فقط، بل في مجموعة من الدول العربية. القرار أخذه مكتب مقاطعة إسرائيل التابع للجامعة العربية، والذي طالب الدول الأعضاء بمنع عرض الشريط الطويل في الصالات المحلية. الجامعة العربية، والتي تضم في عضويتها 22 دولة عربية، منعت الفيلم لأنه صور في إسرائيل وشارك به مجموعة من الممثلين الإسرائيليين. دويري اقتبس فيلمه عن رواية الكاتب الجزائري ياسمنية خضرا، وهي رواية ناجحة، إذ بيعت منها أكثر من 550 ألف نسخة، وتمت ترجمتها إلى 40 لغة. ويحكي الفيلم عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه يتناوله من الجهة الأخرى. فقد أبلغ الفيلم الذي تم عرضه ضمن مسابقة الدورة 12 من مهرجان مراكش الدولي، رسالة إلى العرب، مفادها أن للإسرائيلي إحساس أنه مظلوم، وأن للعرب ذنب في تقتيل أبنائه، وللفلسطيني الإحساس نفسه أيضا، لكن الأمر لا يتعلق بمواطنين بسطاء خلقت العداوة بينهم بسهولة. بل الأمر يتعلق بعقول مدبرة ومقررة ومنفذة، ما حياة هؤلاء أو أولئك بالنسبة لها، سوى سهم في قوس قد يرمونه في أي وقت، لإصابة هدف ما.
الفيلم الذي يعتبر إنتاجا فرنسيا، لقي ترحيبا في كل من مهرجان مراكشودبي، فيما امتنع وزير الثقافة اللبناني عن تقديم ترشيح الفيلم باسم لبنان لجائزة الأوسكار، وبالإضافة إلى نجمة مراكش الذهبية وجائزة دبي، فقد فاز الفيلم بجائزة الجمهور وجائزة النقاد الخاصة، في الدورة 17 من مهرجان "كولكوا للفيلم الفرنسي" في هوليوود. وسيتم عرض فيلم "هجوم" في الصالات الفرنسية، ابتداء من 29 ماي الجاري، وفي الولاياتالمتحدة ابتداء من 21 يونيو المقبل.
وفي حوار له مع إذاعة "راديو سوا"، قال دويري إن "هناك خبث في كبير من قرار مكتب حملة مقاطعة إسرائيل تجاه الفيلم"، وتساءل لماذا يسمح لأفلام فلسطينية إسرائيلية بدخول الصالات اللبنانية والعربية، فيما يمنع فيلم هجوم؟". وأردف دويري قائلا "لا أريد أن يُفهم من كلامي بأني أعارض دخولهم إلى الصالات اللبنانية، على العكس تماما، أتمنى أن يسمح للأفلام من كل الجنسيات بدخول لبنان، لأني اعتقد أننا في بلد ديموقراطي".