قالت المناضلة اليسارية، لطيف بوحسيني إنه « بغض النظر عن بعض البديهيات التي تفرض نفسها، من قبيل ضرورة أن يشاهد المرء الفيلم قبل أن يعطي رأيه… فشخصيا أثارتني بعض ردود فعل « جمهور » المتخصصين من النقاد والسينمائيين و »الغاوون » من أنصار هذا السينمائي أو ذاك… وهي ردود فعل، تقول لك بصريح العبارة: « إذا لم تكن متسلحا ب »العلم السينمائي »، وتقنياته، وأدواته.. .فما عليك إلا أن تلوذ بالصمت… إنه نوع من « الترهيب » في حق المتفرج والمستهلك العادي…. الذي أتصور أنه المستهدف الأول والأساسي من الإنتاج السينمائي.. إذ لو كان يتعلق الأمر بأصحاب الحرفة، والمهنيين، والنقاد الكبار، وعلية القوم، فما كانت السينما لتصبح فنا سابعا، وتصبح صناعتها رائجة بشكل واسع، ويصبح المخرجون والمخرجات الكبار هم أولئك الذي يساهمون في تهذيب الذوق، والرفع به… بل ويصبحون مساهمين في صناعة اتجاهات الرأي… والدليل على ذلك هو ظهور اتجاهات ومدارس سينمائية متكاملة، ذات خلفية فكرية، وفلسفية، بل وحتى سياسية… أي سينما صاحبة رسالة ». وأشارت بوحسيني، في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي إلى أن « الأفلام التي فرضت نفسها هي تلك التي اشتغلت بفنية عالية، وبملكات جمالية من مستوى راق، وبمعالجة للقضايا، كل القضايا… وبدون استثناء، ولكن بالشكل الذي جعلها تؤثر على عموم الجمهور… بالضبط، لأن المستوى الفني العالي يجعل الجمهور « العادي » مأخوذا… دون حتى أن تكون له بالضرورة القدرة للتعبير عما جعله متأثرا بالعمل ». ولم يفت بوحسيني، وهي مناضلة في منظمة 23 مارس من المناضلات الأوائل في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ومن مؤسسات اتحاد العمل النسائي، التعبير عن أسفها للنقاش الدائر حول فيلم « الزين لي فيك »، وقالت « ما يؤسف له اليوم في حالتنا، هو أن يختزل التعامل مع فيلم نبيل عيوش في سجال بدل المناقشة الهادئة… سجال بين الغاضبين، الراغبين في المنع والمحاصرة، ومعارضيهم الذين يواجهونهم باسم حرية الرأي والإبداع، حتى دون أن يمنحوا لأنفسهم إمكانية التعامل مع المنتوج بشكل مجرد، ودون أية خلفيات.. .أي في نهاية المطاف، هو سجال يعكس تقاطبا إيديولوجيا، يصبح معه موضوع السجال ليس هو العمل الفني في كل أبعاده… والقبول به أو رفضه على أرضية التناول العام للفيلم في كل أبعاده… بل انطلاقا من الموقف المسبق، بل وأحيانا من أحكام قيمة مسبقة… تعبر عن نفسها بعنف لفظي، يزيد من توتر الوضع ». ونبهت بوحسيني إلى أن « كل من ينتقد فيلم عيوش ليس بالضرورة متطرفا دينيا، ولا إرهابيا… ولا داعيا للمنع والمحاصرة… بل هناك من ينتقد الفيلم (ممن شاهدوه) بالضبط لأنه لم يستطع أن يشتغل بالفنية العالية، التي تجعله مقبولا من طرف مجتمع (أو جزء من هذا المجتمع) يعيش تحولات تمس كل المستويات، بما فيها تحول القيم… مجتمع يعيش خوفا من « المجهول » المنتهك و »الغاصب » لهويته… التي يدعي هذا البعض دفاعه عنها والحرص على حمايتها ». وخلصت لطيفة بوحسيني إلى أن « الأعمال الفنية العميقة، مهما كان، هي تلك التي تفرض نفسها على الجميع… بالضبط لأنها تقدم منتوجا إبداعيا عاليا مسنودا برؤية عميقة لما يعيشه المجتمع ومساهمة في تطوير الذوق بل وحتى في تنوير العقل…وليست تلك التي تساهم في إشعال الفتيل… والتي تنسى مباشرة بعد أن تهدأ العاصفة.. يكون من آثارها فقط هو أنها زادت من التوتر ».