بعد أزيد من ثلاثة أشهر على دخوله حيز التنفيذ، مازال قانون التوثيق الجديد يثير العديد من الإشكاليات، خاصة بالنسبة للمنعشين العقاريين الذين باتوا حسب تصريحات العديد منهم، يعيشون تحت وقع أزمة حادة، يؤشر عليها البطء الكبير الذي عرفته وتيرة البيع خلال الأشهر الماضية، أمام ارتفاع مدة معالجة الملفات والزيادة في الوثائق سواء بالنسبة للمقتني أو المنعش العقاري. وترتبط إشكاليات القانون الجديد، يسجل مصدر مطلع من داخل الفدرالية الوطنية للعقار، «بإجبار الموثقين على إمضاء وثائق البيع بمكاتبهم الأصلية عوض المكاتب التي توضع رهن إشارتهم من طرف المنعشين في مقرات هؤلاء في إطار ما يصطلح عليه بالشباك الوحيد، الرامي إلى تسهيل الإجراءات»، مضيفا في تصريح ل «أخبار اليوم»، «أن هذا القانون، معناه نسف كل ما بني على مستوى تقريب الإدارة من المواطنين، إذ أضحى الملف الواحد يتطلب التوقيع المشترك وفي الوقت ذاته بين ثلاث شركاء الموثق والبنك الممول والزبون، فإذا تأخر طرف ما لسبب أو لآخر أجلت العملية بأكملها، علما أن التجربة الميدانية أكدت لنا صعوبة اجتماع الأطراف الثلاثة في الوقت والمكان المحددين». عادل بوحاجة، نائب رئيس الفدرالية الوطنية للعقار، أكد في اتصال مع «أخبار اليوم»، «أن القانون الجديد أفرز ضررا كبيرا للمنعشين العقاريين، إذ لم يعد بإمكاننا تسلم مبالغ البيع إلا بعد إتمام التوقيعات من قبل جميع الأطراف وفي المكان المحدد، أي مكتب الموثق، وهو ما يتسبب في العديد من الخسائر إن على مستوى الوقت أو الكلفة»، ولتجاوز هذه الإشكالية، يضيف، «راسلنا الوزير الوصي على القطاع الذي أكد في جوابه أن الأمر يتعلق بقانون يجب أن يطبق، ويمنح مجموعة من الاستثناءات يمكن الاستفادة منها». وتتعلق الإشكالية الثانية التي أفرزها القانون الجديد، يؤكد مصدر مطلع، «بإلزام الموثق على إيداع أموال البيع إلى «صندوق الإيداع والتدبير» قبل أن يتولى هذا الأخير تحويلها إلى حساب المنعش»، وفي هذا الصدد، سجل مصدرنا، «أن ممارستنا المهنية، أثبتت أن الصندوق لا يسلمك مستحقاتك إلا بعد مرور شهور عن إحالة الأموال إليه من طرف الموثق، وهو ما يعني حرمان المنعش من سيولة يعول عليها لتصريف استثماراته وإلا غرق في متأخرات الديون الملزم بها لدى المؤسسات البنكية». وللتخفيف من حدة هاتين الإشكاليتين، يعول المنعشون العقاريون على القوانين التنظيمية للقانون الجديد، التي لم تخرج بعد على حيز الوجود باستثناء واحد منها ينظم مهنة التوثيق، وعليه، يشير مصدر من داخل الفدرالية الوطنية للعقار، «نأمل أن تأتي المراسيم التطبيقية المنتظرة، وعددها أربعة، التخفيف من حدة هذه الإشكاليات ومنح استثناءات لتجاوز التعقيدات الإدارية الإضافية التي أتى بها القانون الجديد، والتي أثرت بشكل سلبي على الفاعلين الاقتصاديين والمقتنيين على حد سواء، وما أفرزته من تكاليف إضافية ناتجة عن كثرة الملحقات الإلزامية وما نتج عنها من بطئ في المعاملات العقارية».