أحرجتها أسئلتنا. أيقظت الجرح. طلبت من والدها أن لا يسمح لنا بدخول بيتها من جديد والنبش في عبارة الوزير إياها:"أش كتدري انت هنا، خاصك غير الراجل.." اقتحمنا خلوتها في بيت متواضع. تغالبها الدموع مع العلم أننا لم نثر معها العبارة إياها، لكن مجرد تواجد صحافيين في بيتها يفكرها بالذي مضى. حرصنا على أن نحدثها عن يومياتها، عن السبب الذي جعلها تمزق ملابسها، وتثور في وجه أمها وأبيها اللذين أكدن لنا في "فبراير.كوم" أنه يحدث أن تتدمر من العودة إلى المدرسة، لأنها ستواجه النظارات اياها وكلمات من قبيل:" ها هي العروسة!! ها راوية كتقلب على الراجل.. ها هي اللي قال ليها الوزير..." سألناها عن الطريق التي تسلكها يوميا وبصعوبة روت لنا كيف تقطع طريقا وعرة صيفا وشتاء، حيث يزيد الظلام في فصل الخريف والشتاء من خطورتها ويعقد منعرجاتها انتشار الكلاب الضالة ورعب الخلاء أو الطريق إلى "الحصيدة" كما تسميها "راوية".. انتزعنا الكلمات والأحرف انتزاعا من فمها. كما لو أخاطت تلك "العبارة الوزارية" فمها إلى الأبد. بات الحديث إلى راوية يحتاج إلى الحاح وإصرار، ويقول والديها أنها تعاني من عزلة خطيرة، وأمها تخشى على مستقبلها. وأخيرا نطقت التلميذة لا يزيد عمرها على ال12 ربيعا: أريد أن أواصل دراستي، أريد أن أصبح معلمة"