مع بدء رياح التغيير في الوطن العربي والتي عصفت بحكم زين العابدين بن علي في تونس وادخلت نظام حسني مبارك في حركات تسخينية في انتظار سماع صفارة الفراره الى بلد اخر ,حاولت بعض الانظمة العربية استباق الاحداث وقامت بتقديم تنازلات لم تكن الى عهد قريب ممكنة او حتى متصورة في الخيال وذلك لسحب البساط من تحت اقدام شعوبها التواقة الى التحرير ولتفادي البهدلة التي تعرض لها زين العابدين بن علي وحسني مبارك. وهكذا ففي الاردن قام الملك عبد الله الثاني باقالة رئيس الوزراء لتهدئة الشارع الذي كان يطالب بتنحيته، وعين مكانه رئيس وزراء مخضرم. وفي سوريا اكد الرئيس بشار الاسد الذي خلف والده في العام 2000 انه مصمم على “متابعة التغيير على مستوى الدولة والمؤسسات. وفي اليمن اكد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي يحكم منذ 32 عاما، انه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة ولن يورث الحكم الى نجله. وفي الجزائر اعطى بوتفليقة الحق للاحزاب السياسية في استعمال وسائل الاعلام العمومية كما وعد برفع حالة الطوارئ وفي المغرب اكدت الحكومة انها ستبقي على دعمها للسلع الاساسية . وبغض النظر عن القرارات المتخدة من قبل الحكام العرب و الحكومات العربية فان الذي يهمنا هو تصرف الدولة المغربية,الذي يثير الاستغراب والاشمئزاز ,ذلك ان هموم الشعب المغربي لايمكن حصرها فقط في السلع الاساسية بل تتسع لتشمل عدة قطاعات من اهمها العدل. فرغم ان العاهل المغربي رفع غير ما مرة شعار اصلاح القضاء فان هذا الشعار لم يبرح مكانه وبقي شعارا فلسفيا شأنه في ذلك شأن شعار توفير الشغل للعاطلين من شباب الامة . فيكفي فقط زيارة المحاكم بالمملكة والاتصال بالمتقاضين لمعرفة الصورة التي يرسمها المغربي لعدالته . فلا احد اصبح يثق في القضاء المغربي الذيتفشت فيه الرشوة والمحسوبية والزبونية .لدرجة اصبح معها المواطن البسيط يرفض اللجوء للقضاء حتى ولو احس بالظلم نظرا لمعرفته المسبقة ان امكانياته المادية لاتسمح له بشراء حقه. واذا كان العدل هو اساس الملك فانه لايمكن تصور مجتمع ينعم بالاستقرار في غياب قضاء حر و نزيه. فمهما قامت الدولة بالتدخل سواء لوقف ارتفاع الاسعار او فتح اوراش كبرى من شأنها النهوض بالاقتصاد الوطني فان احساس المواطن بالظلم يجعله لا يابه باي تحسن في الاقتصاد . ان اصلاح القضاء يجب ان يكون من ضمن اولى الاولويات في سياسة الدولة . واصلاح القضاء يجب ان يأخذ بعين الاعتبار تأسيس اطار وطني خاص لمراقبة حسن سير القضاء وتمكين هذا الاطار من رصد الملفات التي حكمت ضدا على القانون واتخاذ الاجراءات المناسبة ضد القضاة الذين خرقوا القانون او تلقوا رشاوى مقابل النطق بالحكم . وفي المقابل قعلى الدولة المغربية ان تهتم بشؤون موظفي قطاع العدل وجهاز القضاء وذلك بالرفع من اجورهم لتتناسب والظروف الاقتصادية التي اصبحت تعيشها البلاد. كما ان الوضعية المزرية التي يعيشها مساعدي القضاء من خبراء ومحامين وعدول والتي لاتقل عن ظروف القضاة وكتاب الضبط لايجب استبعادها من كل اصلاح. ان الحلول الاستعجالية والآنية للوضعية المغربية يجب ان تبدأ بجهاز القضاء بأعتباره اساس الملك ومدخل لكل تطور ديموقراطي.