يزداد التوتر والحدة بين الشعب والأنظمة الرسمية العربية، تأخذ شكل كسر العظم بين الطرفين بل تتعدى إلى كونها معركة تحركها عقود من القهر والإذلال التي أخذت أشكال متعددة حتى بدا للناظر قبل اندلاع الثورات أن المواطن العربي جثة هامدة لا حراك فيها. حراك هنا وثورة هناك قتلى بالمئات وثورة لم تكتمل بعد، وغزة جريحة مستباحة، ومواطن عربي يحلم بالكرامة والحرية والأمن، وتغيب عنه مفردات فلسطين ليس انه لا يهتم بل لان الحركات والجماعات صارت عنده جزء من منظومة الفساد. في ليبيا تضيع البوصلة أطراف تتصارع وترفض مبادرة من هنا وتعرض مبادرة من هناك والاستعانة بالغربي أمر مستحب بل يهدد إذا لم تنقذ طائراته الاستعمارية حلم الثورة سيلجئون لغيره. منطق ثوري غريب . وتستمر الثورة في اليمن الحزين وتسقط أوراق التوت وبيانات من الميدان والقصر الكل يتهم الكل ودول الجوار تهم بإسقاط الحليف والمشروع الاستعماري بالمرصاد. فوضى وقتلي وبيانات حمقاء في سوريا، وباقي الدول العربية بين من لم يكمل حلم الثورة وبين الدم ومعارك التصريحات تضيع البوصلة ونفقد الاتجاه. الثورة التي تحقق الحرية والكرامة الوطنية بحاجة دائمة للدماء والتضحيات وعنفوان الشباب، وبحاجة ماسة ودائمة إلى عقل راجح ليعرف أين يوجه صراخه وفوضويته الثورية، في كل الثورات لم يطرح الهم القومي ولم تعاد إلى الواجهة فلسطين أو قضية العراق ، بل مطالب قطرية غاب عنها المشهد الوحدوي، والمطالب اجتماعية مطلبيه وحتى الكرامة الوطنية بل تعريف، وهو ما حذرنا منه سابقاً بأن الكرامة الوطنية هي الاستقلال والسيادة المطلقة ورفض التبعية بأي شكل أو صورة اتفاقية أو هدنة أو لقاء أو تفاهم لا يضمن الحقوق الوطنية كاملة وبما لا يتعارض مع الثوابت القومية. فعدم إسقاط الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني وسحب الاعتراف به هو خلل في مفهوم الثورة، لان الثابت لا يتغير أو يتحول. وكنا قد حذرنا دائماً من ثالوث عداء الأمة ليس أننا أصبنا برهاب هذا الثالوث بل لان التصدي له ولمخططاته وبرامجه هو جزء من المعركة الوطنية والثورة الشعبية وهو ثابت من الثوابت العربية. ونرى أن الثورة الشعبية تستعين بالمشروع الامبريالي الاستعماري الممثل بأمريكا كما يحدث اليوم في ليبيا، ونرى نظام الحكم يستعين بتجار الأسلحة المتعاونيين مع الكيان الصهيوني ، وفي البحرين الثوار جزء من المشروع الفارسي بل والأخطر أنهم جزء من أدوات الحلم الفارسي باحتلال المنطقة. وفي فلسطين أنصار المشروع الأمريكي يريدون إنهاء الانقسام فيسارعون لإعلان النية لزيارة غزة فيرحب بعض القادة السياسيين في غزة بهذا التصريح وتغضب قيادة الحركة في الخارج بتعليمات إيرانية وتدور الدائرة ويحاصر بيت(الشيخ إسماعيل هنيه) ليصل الأمر لافتعال حرب محدودة لمنع الزيارة، فالفرس لا يريدون تقاربا فلسطينيا أياً كانت صورته. في الأردن ترتفع شعارات التغيير والإصلاح ويجول الشباب مستعدين لأي شيء فداءً للأردن ضمن ثوابت لم تعلن ولكن اتفق عليها وكنا قد اشرنا إليها سابقاً، يستغل المشهد وتأتي أموال إيران المنهوبة من دولة الأحواز المحتلة، والهدف الفارسي وجود فوضى لضرب الوعي العربي بحقيقتهم في الأردن وأيضاً لتعطيل المفاوضات الدائرة من أجل إشراك الأردن في مجلس التعاون الخليجي وهو المشروع القديم جداً. وهذا ليس مخططا فارسيا فحسب بل دول وحركات وجماعات ومراكز قوى مشتركة به. الثورة الشعبية في أي قطر عربي نحن معها ولكن أن تكون قد حددت أولوياتها وضبطت بوصلتها ورفعت لواء الكرامة الوطنية التي تعني الاستقلال والسيادة المطلقة . لا حدود للثورة ولا حدود للمطالب إذا انسجمت ولم تتعارض مع الثوابت العربية الواضحة بالتصدي لثالوث عداء الأمة. رحم الله الشهداء ونصر الثوار . ______________ عبدالله الصباحين/الأردن 00962795528147 Etehad_jo_(at)_yahoo.com