تظاهر آلاف الليبيين استجابة لنداء قوى المعارضة ونشطاء الإنترنت للمشاركة في ما عرف بيوم الغضب، أو "انتفاضة 17 فبراير"، للمطالبة بالمزيد من الحقوق والحريات، وسط توقعات بأن تشهد هذه المظاهرات زخما أكبر في ساعات العصر. وقال شهود عيان للجزيرة نت إن نحو خمسة آلاف ليبي اجتمعوا في مدينة البيضاء شرقي ليبيا لتشييع الضحايا الأربعة الذين سقطوا في المظاهرات التي تشهدها المدينة منذ أول أمس. وأكد هؤلاء الشهود -في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت- أن المشيعين ضموا مختلف فئات المجتمع الليبي العمرية، وكذلك الانتماءات القبلية، موضحين أن التشييع سيشهد مظاهرات سلمية ضد السلطة في ليبيا، وضد وسائل القمع التي تتبعها رجال الشرطة مع المتظاهرين. وتسود حالة من الاحتقان الشعبي في ليبيا ضد السلطات لاستخدامها المفرط للقوة الذي نجم عنه مقتل وإصابة أكثر من 100 ليبي خلال الأيام الماضية. وأكد أحد الشهود أن الشرطة استخدمت الرصاص الحي، مشيرا إلى أن شقيقه بين الجرحى، واصفا حالته بالخطيرة بسبب إصابته بطلق ناري في منطقة الرأس. ووفقا للشهود الذين اتصلت بهم الجزيرة نت، فإن المدينة شهدت صباح اليوم حالة من الهدوء الحذر، بعد ليلة صاخبة اصطدم فيها أبناء المدينة مع قوات الشرطة، ومن يعرفون بأعضاء اللجان الثورية. ونبه الشهود - في تصريحاتهم للجزيرة نت- إلى أن المدينة خلت صباح اليوم من أي تواجد أمني، وهو الأمر الذي عزاه مراقبون إلى أن السلطات فضلت سحب قواتها من المدينة خوفا من وقوع مصادمات مع القبائل الثائرة بسبب سقوط عدد من أبنائها بين قتيل وجريح. غير أن أحد الشهود أكد للجزيرة نت أن هناك أنباء تتردد مفادها أن السلطات قامت بإرسال قوات خاصة، لمواجهة أي تصعيد بالتظاهر اليوم في المدينة. وفي مدينة بنغازي أفادت مصادر مطلعة للجزيرة نت بأن مظاهرات انطلقت بعد ظهر اليوم في ميدان سوق الحوت بالقرب من ميدان البلدية وسط بنغازي القديمة، موضحة أن المتظاهرين سيتجهون إلى ميدان الشجرة الذي يعد من أهم ميادين المدينة ويتفرع عنه عدد من الشوارع المهمة. وفي جزيرة دوران الفاتح وسط مدينة اجدابيا غرب بنغازي قال شهود عيان للجزيرة نت إن المدينة تشهد صداما عنيفا بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين جابوا الشوارع اليوم بأعداد كبيرة، وقاموا بتمزيق الصورة الكبيرة للزعيم الليبي معمر القذافي وسط المدينة. وتأتي تطورات اليوم بعد مظاهرات شهدتها عدة مدن ليبية، تخللتها مصادمات عنيفة بين المتظاهرين من جهة وقوات الشرطة ومن يعرفون بعناصر اللجان الثورية من جهة أخرى. وقال شهود عيان ووسائل إعلامية إن نحو 13 شخصا سقطوا في هذه المظاهرات، بينما تجاوز عدد الجرحى 100 جريح حالة العديد منهم خطيرة. وفي بداية المظاهرات ردد المتظاهرون شعارات للمطالبة بمزيد من الحريات والحقوق، غير أن سقف مطالبهم ارتفع لاحقا إلى المطالبة بإسقاط النظام، وذلك في أعقاب القسوة التي قابلت بها الشرطة المتظاهرين، وتغاضيها عن تهجم عناصر اللجان الثورية المسلحين بالسلاح الأبيض و"البلطات" على المتظاهرين. وتخلل أعمال العنف قيام المتظاهرين بإحراق مركز للشرطة وسيارات تابعة لها، عدا عن إحراق صور الزعيم معمر القذافي. اعتقالات بالجملة وقد عمدت السلطات الليبية -منذ عدة أيام، ومنذ دعوة نشطاء الإنترنت للتظاهر اليوم الخميس بمناسبة الذكرى السادسة لانتفاضة بنغازي 2005- إلى اعتقال عشرات النشطاء المعارضين والأدباء والصحفيين، والشباب لمنعهم من المشاركة في مظاهرات اليوم. وهو الأمر الذي كان محل تنديد منظمات حقوقية، دعت السلطات الليبية للإفراج عن المعتقلين، وتجنب اللجوء للعنف معهم. السلطات الليبية دفعت بأنصار القذافي إلى الشوارع للرد على معارضيه (الجزيرة) كما أدان الداعية الإسلامي الليبي علي الصلابي استعمال العنف مع المتظاهرين، وقال -في بيان حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- "احمّل الدولة المسؤولية الكاملة عن الحفاظ على دماء وأموال وأعراض مواطنيها، وأحذرهم من غضب الله تعالى من قتل النفوس بغير حق مع الإصرار والتعمد". إجراءات حكومية وفي الوقت الذي واصل فيه التلفزيون الليبي الرسمي بث صور مظاهرات مؤيدة للقذافي ومنددة بقناة الجزيرة، وزعت شركة الهواتف الخلوية "ليبيانا" على المشتركين رسائل تهديد "لكل من تسول له نفسه المساس بالخطوط الحمر الأربعة" -التي تحدث عنها سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي في أغسطس/آب 2007- "وهي: القذافي الأب، والدين الإسلامي، وأمن الدولة، والوحدة الوطنية".