آن لي أن أتذكر الآن! تعرفت على وجوه تونسية كثيرة، في قطر والأردن والتقيتهم في مناسبات عدة، عائلية ومهنية ولقاءات ومؤتمرات أرضيا ورقميا. وللحقيقة، اتصف معظمهم بالمهنية العالية والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، فلا عجب أن نعلم أن عددا كبيرا من التونسيين يعملون باعمال فنية عالية في الجزيرة وغيرها من المؤسسات الكبرى والدول. في كل مرة تلتقي فيها تونسيا، تستشعر بأن الوضع التونسي خانق، فلا حريات ولا انترنت، ومراقبة دقيقة للاتصالات وغيرها، وكان يدهشني خلال زياراتي لمعظم المواقع الإلكترونية التونسية من جامعات ومؤسسات ومراكز تونسية من رداءة تصميمها وبطئها وصحراوية محتواها، في الوقت الذي تجد الفنيين التونسيين مشردين في كل مكان يبدعون في غير وطنهم. عندما أطلقنا قبل أكثر من عام على منتديات الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب (واتا) حملة دولية للدفاع عن الحريات والشعب التونسي والحجاب والمناضلين المعتقلين، تعرضت لكل أصناف الأذى والانتقاد والهجوم، في الوقت الذي كنت أعمل ليل نهار للبحث عن عناوين المؤسسات والشخصيات والوزارات التونسية لتتابع الحملة ولنحدث التأثير والتغيير المطلوبين. كان يؤلمني تخاذل المثقفين والأكاديميين التونسيين والعرب الذين كانوا يشتمون وينتقدون ويُنظرون ويهربون من الساحة! كان يراسلني تونسيون كثيرون خلال الحملة ويعبرون عن دعمهم ويحدثونني عن مآسيهم الخاصة مع سلطات القهر والإفساد والاستبداد، فعرفت الوضع التونسي عن كثب ومن مصادر موثوقة، وعرفت كم هو كارثي وأعقد مما يبدو بكثير، فهو لا يقتصر على الرئيس، بل يمتد إلى عائلة بأكملها تستعبد خلق الله وتستحل مالهم وحلالهم وتستولي على استثماراتهم بغير وجه حق وتدخل شريكة بحكم السلطة ووفقا لقانون "البلطجة". أشعر بسعادة للثورة التونسية هذه الأيام وأراها نواة لثورات ستنفجر قريبا في وجه الطغاة الآخرين وورثتهم الذين اهتزت عروشهم بين ليلة وضحاها وارتعدت فرائصهم عن بعد! لا بد لليل أن ينجلي.... ولا بد للقيد أن ينكسر! تحية في زمن الثورة! عامر العظم 14 يناير، 2011