أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرة تحمل رقم 154 تخص " تأمين الزمن المدرسي وزمن التعلم " وأعدت لذلك رزمانة من القوانين والإجراءات الردعية على شاكلة مدونة السير، وبذلك أخذت هذه المذكرة شكل مدونة التعليم بامتياز حيث وقفت – في نظرها – على جوهر المشكل القائم في المنظومة التربوية ببلادنا والذي حصرته في تسبب رجل التعليم في هدر الزمن المدرسي ، وجندت من أجل ذلك كل قواها وكل عدتها من استنساخ المذكرة وتوزيعا على كل المدرسين والإداريين والمراقبين التربويين كما ألحت على إشهار أسماء المدرسين في كل مؤسسة تعليمية مع نشر جداول حصصهم والقاعات التي يدرسون بها ونشر أسماء المدرسين المتغيبين برخصة وبدونها من باب الشفافية والقضاء على تلاعب الإداريين وتسترهم على المدرسين المتغيبين ، ولمراقبة ومتابعة هذه الإجراءات مركزيا وجهويا أنشأت لجنا للتتبع كما أصدرت برناما يتم من خلاله كشف وضبط جميع تغيبات المدرسين على المستوى المركزي مباشرة تماما كما فعلت مدونة السير التي استعانت بأحدث التيكنولوجيات من كاميرات ورادارات , وكما أن مدونة السير يعاب عليها أنها قننت الذعائر وفصلت المخالافات وحددت المسؤوليات غافلة أو متغافلة البنية الطرقية بمختلف مكوناتها ، فكذلك نجد المذكرة /المدونة 154 قد نزلت بكل ثقلها على المدرسين متناسية كل ما يتعلق بالبنية التحتية من قاعات ووسائل تعليمية وغيرها على اعتبار أن المشكل الخطير – في نظرها – يكمن في غياب المدرسين وما ينتج عنه من هدر للزمن المدرسي ، وكان عليها أن تتناول كل العناصر المشكلة للعملية التربوية بالتمحيص والتحليل الدقيق والموضوعي من معلم ومتعلم وظروف تعلم مكانا وزمانا ومحتوى التعلم ومدى استثماره في خدمة سوق الشغل لا أن تتهم المدرس وحده وتحمله سياساتها الفاشلة, كل ذي ضمير في هذا الوطن لا يقبل بضياع وهدر الزمن المدرسي لأنه زمن يضيع مجانا من مسيرة تعليمنا وبالتالي من عمر وطننا التنموي ولكن من يتسبب في هذا الهدر؟ ماذا عن الزمن الذي يهدر بمناسبات الملتقيات التربوية ( التدريس بالكفايات – بيداغوجيا الادماج ,,,) ؟ ماذا عن الزمن الذي يهدر بدعوى تمرير الزوائز ؟ كم من زمن يهدر عند تحديد فترة الامتحان التجريبي في نهاية شهر أبريل ؟ كم من زمن يهدر مع تناقض المذكرات المنظمة للمراقبة المستمرة إذ تنص مذكرة على إتمام الدراسة إلى نهاية شهر يونيو في حين تحدد مذكرة أخرى فترة الامتحانات النهائية مع بداية يونيو ومذكرة أخرى تطالب بإيفاء الأكاديميات بالنقط قبل متم شهر ماي ؟؟ كم من زمن يهدر بسبب تأخر تحديد البنيات التربوية للمؤسسات وما ينتج عنه من تأخر في تسجيل التلاميذ ؟ كم من زمن يهدر بسبب النقص الحاصل في عدد المدرسين حيث يفتتح الموسم الدراسي وفي كل سنة بطواف المديرين بين مصالح النيابات التعليمة للعثور على مدرسين تجود بهم ليسد النقص ؟ كم من زمن يهدر من خلال التحاق التلاميذ المتأخر وانقطاعهم المبكر ؟ كم من زمن يهدر عند تعطيل المدارس بسبب البنية المهترئة لبعض المؤسسات خاصة في فصل الشتاء ؟ أمام هذا الهدر الزمني الحقيقي لا يسعنا إلا أن ننشد مع عنترة بن شداد : هلا سألت الهدر مِمَّن يَجِمِ && إن كنت جاهلة بما لم تعلمي يخبرك من عرف الأمانة أنه && يبغي الطوى ويزيد إنْ لمْ ينعمِ