تخيل إنك رب أسرة لها ثلاث أبناء الأول يتمتع بحقوقه كاملة ويقر بذلك, والثاني يتمتع بحقوقه أو معظمها علي أقل تقدير ولكنه يشعر في قرارة نفسه أنه مظلوم ومضطهد ويصرخ بذلك, ولكنك كرب للأسرة تتجاهل صراخه فلا تجلس معه ولا تحاوره لتتبين منه مشاكله وآلامه أو لتبين له حقائق ما أًشكل عليه . والثالث مظلوم فعلا ومنتقصة حقوقه. ستجد أن الأبن الأول سعيد فخور بانتمائه لأسرته, مستعد للتضحية من أجلها , أما الأبنان الثاني والثالث فيتساويان في أنهما ناقمان علي أسرتهما, ولا يشعران بحقيقة انتمائهما, وربما يتطور الأمر إلي التآمر علي هذه الأسرة . هذا في أسرتك الصغيرة التي يربطها عاطفة غريزية فطريه ورابطة دينية واحدة . فما بالك بالوطن الذي يجمع بين أعراق شتي وأديان مختلفة. تتوالي مؤتمرات أقباط المهجر في كثير من بلاد العالم وتعقد الندوات وتصدر التوصيات ولا أحد يستجيب لطلباتهم, أو يجلس معهم يحاورهم ويوضح لهم خطأ طلباتهم فتهدأ النفوس ويزول الشعور بالاضطهاد. إن مؤتمرات أقباط المهجر لا تعقد في حجرات مغلقة, بل تعقد وتنقل وقائعها وتوصياتها إلي كل بيت في مصر بواسطة الصحف المستقلة ومواقع الانترنت وبالتالي فإن تجاهلها يزيد الشعور بالاضطهاد القاتل للانتماء الوطني. قبل الدخول في الموضوع يجب إلا يغيب عن ذهننا الخريطة الأمريكية لتقسيم مصر, ويستحيل تنفيذ ذلك إلا بوجود إحساس عميق بالاضطهاد لدي قطاع معين من الشعب المراد تقسيمه, الأمر الذي يدفعه لبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق ذلك متوهما أن في التقسيم النجاة مما يقع عليه من ظلم واضطهاد. لذلك فالأمر جد خطير . من الموقع الإلكتروني لجريدة (اليوم السابع) بتاريخ 9 نوفمبر 2009 وعلي الرابط التالي : http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=154692 قرأت توصيات المؤتمر وسوف استعرض كل طلب علي حده وأبدي الرأي ألذي أعتقد أنه صواب – ولا أحد يحتكر الحقيقية – فقد أكون مخطئا, ولا يعنيني أن أكون علي صواب أم علي خطأ , الذي يعنيني أنني أشغل نفسي بأمور هذا الوطن ومستعد للتحاور حول ما جاء بهذا المقال ومستعد للرجوع عن أي رأي يتبين خطئه فالرجوع إلي الحق فضيلة, ولا مانع من تسجيل رجوعي عن رأي ما في مقال مستقل قادم. المطلب الأول : إلغاء المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" : 1) خير من يجيب عن هذا المطلب هو البابا شنوده نفسه فقد رفض علانية تنفيذ حكم القضاء بالتصريح بالزواج الثاني للأقباط وأعلن صراحة (أنا لا أستطيع أن أخالف الكتاب المقدس) , فهل من العدل والمنطق أن نعتبر تمسك البابا بكتابه المقدس (الإنجيل) أيمانا وتحضرا وعدم أنتقاص للدولة المدنية , وأن نعتبر مطالب المسلمين بالتمسك بكتابهم المقدس (القرآن) تطرفا وإرهابا وانتقاصا من حقوق المواطنة وهدما للدولة المدنية؟!!. 2) مرة أخري نجد أنفسنا أمام تناقض صارخ لمواقف الأرثوذكس فحين يكونون أغلبية في بلد كاليونان ينص دستورهم في (المادة1) : المذهب الرسمي لأمة اليونان هو مذهب الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية ! . وفي ( المادة 47) منه: كل من يعتلي عرش اليونان يجب أن يكون من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية , أما حين يكونون أقلية يعتبرون النص علي ديانة الدولة أو ديانة رئيسها إخلالا بحقوق المواطنة وهدما للدولة المدنية وظلما واضطهاد!!!!!. 3) النص علي ديانة الدولة ورئيسها موجود أيضا في الدستور الدانمركي مادة 1 بند 5 يجب أن يكون الملك من أتباع الكنيسة الإنجيلية اللوثرية ! وفي (المادة1/بند3): إن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة المعترف بها في الدانمارك . أما الدستور الأسباني فجاء في ( المادة 9) : يجب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة الكاثوليكية ! وفي (المادة6): على الدولة رسمياً حماية اعتناق وممارسة شعائر المذهب الكاثوليكي باعتباره المذهب الرسمي لها . وفي الدستور السويدي (المادة4): يجب أن يكون الملك من أتباع المذهب الإنجيلي الخالص . وفي الأرجنتين: تنص ( المادة 2) على: أن على الحكومة الفدرالية أن تحمي الكنيسة الرسولية! وفي بريطانيا أم الديمقراطية في العالم هناك وظائف معينة لا يتوالها إلا أتباع كنيسة محددة . راجع الرابط التالي : http://www.aljazeera.net/NR/exeres/E39DA355-5C9C-4563-B7F6-D5FB17590C38.htm فهل النص علي ديانة الدولة وديانة رئيسها حلال لكل الأديان حرام علي الإسلام ؟ !!!!! 4) لا توجد دولة في العالم يتم فيها تحديد النظام القانوني للدولة بناء علي رغبة الأقلية – أي كانت دينية أو عرقية – وحقوقهم تكون في عدم إجبارهم علي ما يخالف عقيدتهم وفي حفظ حقوق الإنسان ومساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات , أما النظام القانوني للدولة فتختاره الأغلبية في إطار نظام ديمقراطي سليم. 5) إن هذا المطلب يثير الكراهية بين أبناء الوطن الواحد لأنه يشعر المسلمين بأن عليهم أن يتخلوا عن شريعتهم حتي يمكن أن يعيشوا في سلام مع الأقباط, وهذا ثمن باهظ لا يقبل مسلم أن يدفعه , ويوقع الخلاف الدائم بين المسلمين وغلاة العلمانيين الذين ينادون بهذا الطلب رغم أشتراك الجميع في الإسلام . لذلك فالذكاء السياسي يحتم علي الأقباط اتخاذ موقف حيادي تجاه هذا الطلب ويكفي جدا أن يطبق القانون (أي قانون) علي جميع المصريين بغض النظر عن دينهم أو عرقهم ففي هذا تحقيقا للمواطنة . المطلب الثاني : اصدار قانون ضد التمييز: هم محقين تماما في ذلك, وكان يُحسن بهم أن يوضحوا رفضهم التمييز الذي يتعرض له المسلمون أيضا, فكثيرا ما يتدخل الأمن لمنع تعيين المعيدين في الجامعات من المسلمين, الواجب أن يكون التعيين في المناصب طبقا للكفاءة العلمية. المطلب الثالث : اصدار القانون الموحد لدور العبادة : إن سبب تعثر هذا القانون هي مطالبة الكنيسة الارثوذكسية بعدم الالتزام بأي معايير أو النسب التى يراد على أساسها بناء الكنائس ويطالبون بأن يترك لرجال الدين وحدهم تحديد احتياجاتهم من الكنائس (راجع حوار الانبا بسنتي بالمصري اليوم 11/11/2009). وفي طلب الكنيسة هذا إلغاء الدور الدولة.علاوة علي عدم اتساقه مع الوضع الدولي الراهن حيث تعاني جميع الأقليات من مشكلة بناء دور العبادة الخاصة بها, تستوي في ذلك الدول العريقة في الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من الدول وأنباء الاستفتاءات حول المآذن والمساجد تقرع الآذان. وللأسف فاليونان ذات الأغلبية الارثوذكسية (95 % من سكانها) يُكاد يُمنع بناء المساجد استجابة لطلب الكنيسة نفسها, فحتي عام 2006 لم يكن هناك مسجد واحد في العاصمة اليونانية حيث رفضت الكنيسة الارثوذكسية اليونانية (وليس العامة الرعاع) بناء أول مسجد في اليونان. والخبر علي الرابط التالي: http://www.alarabiya.net/articles/2006/03/03/21629.html وبذلك نجد أنفسنا مرة أخري أمام تناقض مواقف الأرثوذكس فحين يكونون أغلبية في بلد كاليونان يمنعنون بناء المساجد وحين يكونون أقلية كما في مصر يطالبون ببناء الكنائس بدون ضابط ولا رابط !!!. المطلب الرابع:إصدار قانون ينظم قضيه حرية العقيدة وحرية التغيير أو العودة من وإلى أى عقيدة : 1) لا يرفض حرية العقيدة إلا من لا يثق في صحة عقيدته أو لا يثق في قوة إيمانه بعقيدته. 2) إطلاق حرية العقيدة بدون إطلاق حرية الدعوة غير الموجودة حاليا وقد برهنت علي ذك في ثنايا مقال : (توصيات مؤتمر مسلمي المهجر) أشبهه بمطالبة سباح ماهر مقيد اليدين والقدمين بالسباحة .. الغرق هو النتيجة الطبيعية لهذا السباح. لذلك لا مانع من إطلاق حرية العقيدة بشرط إطلاق حرية الدعوة واستقلال الأزهر استقلالا كاملا عن الدولة . والحق أن الأقباط مطالبين بأثبات إيمانهم بحرية العقيدة, حيث إن إيمانهم بها تدور حوله الشبهات كما يتبين من ثنايا هذا المقال وكما أوضحت في مقال ( الأرثوذكس : هل يؤمنون بالحريات الدينية). المطلب الخامس : بتفعيل مبدأ المواطنة الذى ينص عليه الدستور بحيث يشمل إعادة النظر فى المناهج التعليمية وحذف العبارات المسيئة لكافه الأديان والتى تغرز الكراهية فى نفوس الأطفال، وذلك بهدف تنشئة الطفل فى جو صحى بعيداً عن التطرف الدينى وكراهية الآخر، بهدف تدعيم مبدأ الوطن للجميع ولا فرق بين مسيحى ومسلم : كلام جميل ولكنه مطاط وهناك ملاحظات حول هذا الطلب : 1) أنه يجب تربية الأطفال علي قبول الأخر وأن الاختلاف في الدين أو حتي اعتناق الإلحاد لا ينفي عن الإنسان كونه إنسان له كافة الحقوق وأن الله هو الذي سوف يحاسبنا جميعا ويفصل بيننا يوم القيامة. 2) هناك فرق بين اختلاف العقائد والعبارات المسيئة لكافة الأديان . مثال ذلك أن الدكتور كرم باسيليوس متي أرسل إلي الأستاذ أنيس منصور معترضا علي تداول تعبير (المسيح عليه السلام) وموضحا أن صحة التعبير هو (المسيح منه السلام ) راجع الاهرام 31/12/2009 , وهو بذلك يريد أن يفرض عقيدته علي المسلمين فأين الإيمان بحرية العقيدة. والشيء بالشيء يذكر هل يصح ممن ينادون بحرية العقيدة أن يصفو كنيسة غير كنيستهم بالوكر ؟ 3) إن كان المقصود بالعبارات المسيئة هو استحلال الأرواح والدماء والأموال والأعراض فأضم صوتي لصوتهم بوجوب تجريم كل من يفعل ذلك وإيقاع أشد العقوبات عليه , أما إذا كان المقصود التدخل في الاختلافات بين العقائد, فلا . ذلك أن طبيعة الدين أي دين أنه يعتبر نفسه الدين الوحيد الصحيح وباقي الأديان باطلة يتساوي في ذلك الإسلام مع المسيحية, وللتدليل علي ذلك فإن الكنائس المصرية وعلي رأسها كنيسة الأقباط تكفر غيرها من الكنائس, وتحرم الزواج من أتباعها, وتحرم الصلاة في غيرها. لذلك فإن النغمة التي يُروج لها حاليا بعدم تكفير غير المسلمين تفقد ثقة المسلمين فيمن يروج لها الأمر الذي يفسح الطريق أمام العناصر الإرهابية لبث سمومها. يكفي جدا التركيز علي أن كون الإنسان كافرا أو حتي ملحدا – حسب عقيدتك أنت – لا ينقص ذلك شيئا من حقوقه كإنسان بما في ذلك حقوق المواطنة. وهذا واجب حتمي علي علماء الإسلام ورجال الدين من الأقباط . 4) إنه من الواجب علي علماء أو رجال كل دين أن يبينوا لأتباعهم بطلان العقائد الأخري حتي لا ينخدع البسطاء. ولكن أين يصح أن يتعلم الإنسان أن دينه هو الصحيح وأن غيره باطل ؟ أي تجمع من البشر يجمع بين أتباع عقائد مختلفة لا يصح أن يثار فيه مثل هذه الاختلافات حتي لا تكون فتنة فلا أحد يقبل أن يسمع أو يقرأ كلام يكفره أو يبطل عقيدته. وأي مكان مغلق علي تجمع من البشر من أتباع دين واحد واحب علي علمائهم أن يشرحوا لهم صحة عقيدتهم وبطلان عقائد الآخرين . لذلك فالعجب كل العجب أن يغضب المسلمين من بعض القنوات المسيحية التي تطعن في عقيدة الإسلام, فلا أحد طالبهم بمشاهدتها. والعجب كل العجب من الكنيسة المصرية التي تغضب من مجلة الأزهر لنشرها (تقرير علمي) للدكتور محمد عمارة. فمجلة الأزهر يعرف كل من في مصر إنها مجلة إسلامية, ولم يطالب أحد الأقباط بشرائها وقراءتها . الطريف أن البابا شنودة نفسه قد حذر من قراءة الكتب التى تهاجم الكنيسة علي الرابط التالي : http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=148434 وفي هذا حل للمشكلة فاختلاف العقائد قائم إلي قيام الساعة والتكفير يمارسه كل دين. لذلك من الطبيعن أن نقول (كلنا كافرين يا عزيزي) من وجهة نظر الأخر علي أقل تقدير. المطلب السادس : تدريس تاريخ الأقباط فى مادة التاريخ، مؤكدين أنه جزء من تاريخ مصر: 1) يمكن تدريس الشخصيات القبطية التي لها دور فعال في المجتمع قديما أو حديثا والتي لا يدور خلاف حولها كالدكتور مجدي يعقوب مثلا . 2) أما دراسة الوقائع التاريخية مثل واقعة مقتل الفيلسوفة المصرية (هيباتيا) في الإسكندرية في القرن الرابع الميلادي بعد أن اعتبرها بابا الأقباط وثنية كافرة, وكذلك واقعة دعوة البطرك القبطي ثيوفيلوس سنة 391 ميلادية لهدم السيرابيون معقل الأدب والفن والعلوم بالاسكندرية القديمة, وأيضا الحقبة التاريخية للمعلم يعقوب الذي يلقبه البعض بالخائن يعقوب . كل هذه الوقائع فإن محاولة تدريسها سوف توقع بيننا الخلاف فمن يكتب تاريخك يا مصر؟ لذلك من الأفضل أن يتم تدريس هذا التاريخ داخل الكنائس لتعليم أبنائها . المطلب السابع : وطالب المؤتمر بأن يكون عيد القيامة إجازة رسمية للمسيحيين، وإيجاد ثقافة تعليمية وإعلاميه تحث على المساواة واحترام الآخر وحرية ديانته وتجريم كل من يفعل غير ذلك : 1) سوي تم اعتماد عيد القيامة أجازة رسمية أو لم يتم اعتماده فهذا الطلب لا يقدم ولا يؤخر كثيرا في حقوق المواطنة وهناك أعياد مسيحية يتم احتسابها اجازة رسمية وهناك عيد الميلاد المجيد أجازة رسمية للدولة مسلمين ومسيحيين وهذا مثال لا يوجد في أكثر الدول تقدما في الحريات الدينية. فلا توجد دولة غربية تعتبر أي من أعياد المسلمين أجازة رمسية . 2) أما بالنسبة لإيجاد ثقافة تعليمية وإعلاميه تحث على المساواة واحترام الآخر وحرية ديانته وتجريم كل من يفعل غير ذلك فهذا حق مع الأخذ في الاعتبار الفرق بين اختلاف العقائد وازدراء الأديان . المطلب الثامن : عدم التمييز ضد المسيحيين فى التعيينات بالوظائف الأمنية، مثل المخابرات أو أمن الدولة أو حرس رئاسة الجمهورية: لا يوجد في مخابرات الدول العريقة في الديمقراطية كأمريكا وأوربا مسلم واحد لسبب بسيط هو خشيتهم أن يكون ولو بنسبة واحد في الألف من المسلمين المعيينين في هذه الوظائف الأمنية الحساسة متطرفا أو مجندا من قبل تنظيم القاعدة مثلا, وبالمثل يخشي أن يندس متطرف مسيحي واحد في هذه الأجهزة الحساسة. وليس في هذا تخوينا للأقباط في مصر ولا تخوينا للمسلمين في الغرب فالحقيقة التي يرفضها البعض - من غلاة العلمانيين والملاحدة- أن الانتماء الديني يغلب الانتماء الوطني وللتدليل علي ذلك فإن الكثير من دول العالم تقبل نظام مزدوجي الجنسية أي تحمل الجنسية المصرية والأمريكية معا, ولكن لا يوجد في العالم كله نموذج واحد لمزدوجي الديانة أي تدين بالكاثوليكية والارثوذكسية في أن واحد. ولذلك يخشي الإضرار بمصالح الوطن بسبب الانتماء الديني كما أن هذه الوظائف الحساسة محروم منها المسلمون الذي يًشك – مجرد الشك – في أنهم يحملون أفكار متطرفة أو من أسرة أحد أفرادها يحمل الأفكار المتطرفة فتؤخذ الأسرة كلها بجريرة فرد واحد. وليكن في ذهن الجميع أن تحقيق العدل المطلق على الأرض مستحيل حتي داخل الأسرة الواحدة المتحدة في الدين والتي يجمع بين جميع أفرادها حب فطري غزيزي فما بالك بالدول المتعددة الأعراق والأديان . يجب أن نبتعد عن المثالية في تقديم الطلبات . المطلب التاسع : السماح بفتح باب القبول فى جامعة الأزهر لغير المسلمين : 1) المسلمين أنفسهم لا يستطيعون الالتحاق بجامعة الأزهر إلا في حالة انتظامهم في التعليم الأزهري منذ المرحلة الابتدائية وحتي الحصول علي الثانوية الأزهرية المؤهلة قانونا للقبول بجامعة الأزهر , ولا مانع من قبول الأقباط بجامعة الأزهر بشرط انتظامهم في التعليم الأزهري منذ المرحلة الابتدائية . أما الهبوط بالبراشوط علي جامعة الأزهر من غير الازهريين – مسلمين أو أقباط – ففيه إهدار لحقوق الطلاب الأزهريين الذين أفنو 12 عاما في التعليم الازهري الذي يزيد في أعباءه عن التعليم العام بسبب دراسة المواد الشرعية وأهمال الدولة للتعليم الأزهري عموما . والغريب إن الانضمام لجامعة الأزهر غير جذاب –لغير الأزهريين- ذلك أن نصيب الطالب الواحد فيها من الميزانية يساوي ربع نصيب الطالب في جامعة عين شمس (راجع الأهرام2/9/2007 ). ومن حق الجامعة وطلابها أن يطالبوا الدولة بمساواتهم في الإنفاق بالجامعات الأخري تحقيقا للمواطنة والمساواة . 2) هناك فعلا شبهة محاباة للمسلمين في هذا الطلب فالدولة تتولي الإنفاق علي جامعة الأزهر من ميزانيتها التي يساهم فيها المسلم وغير المسلم بدفع الضرائب فكيف تنفق الدولة علي جامعة يحرم من دخولها غير المسلمين. وعلي نفس الوتيرة كيف تنفق الدولة علي بناء مسجد ولا تنفق علي بناء كنيسة و .... و .... إلخ ولإزالة الشبهة أوضح أن الدولة قد ضمت أوقاف المسلمين وهي بالمليارات ( راجع مقالي - توصيات مؤتمر مسلمي المهجر - بند 4 أ , وبند 15 وهذان البندان علي سبيل المثال لا الحضر) لذلك فإن إنفاق الدولة علي الدعوة الإسلامية وجامعة الأزهر وبناء المساجد واجب عليها بعدما استولت علي الأوقاف المخصصة لذلك وللأسف فهي لا تقوم بهذا الدور علي الوجه الأكمل كما بينت في مقارنة نصيب الطالب من الميزانية في جامعتي الازهر وعين شمس. في حين لا يجب عليها الإنفاق المماثل بالنسبة للأقباط لأن الأوقاف المسيحية في أيدي الكنيسة تنفق منها كما تشاء حسب ما يتراه لها . فإن كان الأقباط يريدون أن تنفق الدولة علي الكنيسة كما تنفق علي الازهر فيجب عليهم تسليم الأوقاف المسيحية إلي الدولة مثلما استولت الدولة علي الأوقاف الإسلامية . المطلب العاشر : مراعاة تمثيل المسيحيين فى الانتخابات القادمة لمجلس الشعب، سواء كان هذا التمثيل عن طريق الانتخابات بالقائمة أو التمثيل الإيجابى أو الكوتة أو أى نظام يحقق تمثيل الأقباط: 1) كنت أتمني من المؤتمر أن ينحاز للمطالب الوطنية وينادوا ببناء حياة ديمقراطية حقيقية – وفي هذا حل لكل مشاكلنا- بدلا من المطالبة بكوتة في نظام غير ديمقراطي فيساهموا بذلك – فيما لو تحقق مطلبهم – بأطفاء شرعية زائفة علي نظام غير ديمقراطي . 2) لا يوجد في الدولة المدنية الحديثة والديمقراطيات العريقة في العالم كله تمثيل طائفي في البرلمانات حيث إنها مؤسسات قومية فلا يوجد في النمسا مقر المؤتمر, ولا فرنسا حيث أكبر تجمع للمسلمين في أوربا, تمثيل علي أساس الدين في البرلمان وكذلك الحال في بريطانيا أم الديمقراطية في العالم, وأمريكا أكبر دولة معاصرة. فكيف نكون من أنصار الدولة المدنية ونطالب بمكاسب طائفية تهدم الدولة المدنية وتحولنا إلي لبنان أخرى. 3) جاء في (المادة 3 ) من قانون التسوية بانجلترا: .... ولا يسمح بتاتاً لغير المسيحيين ولا لغير البروتستناتيين أن يكونوا أعضاء في مجلس اللوردات، ويعتبر ملك بريطانيا حامياً للكنيسة البروتستانتية في العالم !" وكذك جاء في الدستور السويدي : يجب أن يكون أعضاء المجلس الوطني من أتباع المذهب الإنجيلي . فهل بريطانيا والسويد من الدول الدينية التي تهدر حقوق المواطنة. المطلب الحادي عشر) المطالبة بعدم وقوف المؤسسات الدينية أمام حرية الإبداع، كما طالب المشاركون فى المؤتمر بتجديد الخطاب الدينى ومحاسبة الأفكار المتشددة التى تؤدى إلى الفتنة ومراقبة المصنفات الدينية: عندما قرأت هذا المطلب تعجبت أشد العجب واعدت قراءتة بالمصدر (اليوم السابع ) عدة مرات حتي أتأكد من صحته, ذلك أن الكنائس في مصر وعلي رأسها الكنيسة الارثوذكسية تمارس الرقابة الكنسية فمنعت عرض فيلم (المسيح في عيون المسلمين) وفي هذا وصاية علي عقيدة المسلمين ويثير الكثير من الشكوك حول إيمانها بالحريات الدينية وحرية الرأي والتعبير والقبول بالأخر. والأخطر من ذلك أنه يثير الشبهات حول الهدف الحقيقي مما جاء بالمطلب الخامس والخاص بحذف العبارات المسيئة لكافة الأديان, فهل إذا تناول كتاب أو أي عمل فني العقيدة الإسلامية في المسيح عليه السلام, هل سيعتبر ذلك إساءة للأقباط؟. كما أن صياغة هذا المطلب متناقضة ففي البداية يطالبون بعدم وقوف المؤسسات الدينية أمام حرية الإبداع وفي النهاية يطالبون بمراقبة المصنفات الدينية !!. كما أن مسألة تجديد الخطاب الديني يجب تركها لأتباع كل دين فليس مطلوب مني كمسلم أن أطالب بتجديد الخطاب الديني المسيحي أو أحدد كيفيته . أما عن محاسبة الأفكار المتشددة فمطلب مطاط لأنه بموجبه يمكن اعتبار موقف البابا شنودة الرافض لاعطاء تصريح ثاني بالزواج تشدد اعتمادا علي: 1) أن كنائس أخري مرجعها الأنجيل أيضا تعطي هذا التصريح . 2) إن الكنيسة الأرثوذكسية ذاتها كانت تعطي هذا التصريح قبل اعتلاء البابا شنوده لموقعه. في حين يري البعض الأخر أن موقف البابا شنودة هو السليم طبقا للشرع المسيحي. الحق أنه يجب علي الجميع عدم التدخل في ديانات وشرائع الأخر فيقول هذا الرأي متشدد وهذا غير متشدد . 12) الأفراج الفورى عن الأب متاؤس : لا تعليق علي أحكام القضاء . الخاتمة: لقد تعمدت كتابة هذا المقال بعد مقال ( توصيات مؤتمر مسلمي المهجر ) مباشرة حتي يقوم القارئ الكريم بعقد مقارنة بين المشاكل التي يعاني منها كل من المسلمين والأقباط ويجيب علي السؤال الأتي : من أولى وأحق برفع الظلم عنه؟ المسلمين أم الأقباط ؟ أم كلنا في الهم مضطهدون؟!! قبل أن تجيب علي سؤالي أرجو أن تتخلى عن التزامك الديني – مؤقتا- وتتذكر أنك إنسان وفقط .