كما أشرنا في مقال سابق، فقد أصدر المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالجديدة، مع بداية الدخول الجامعي الحالي، بيانا احتوى على عدة نقط سطرها الفرع الجهوي عقب تقييمه للدخول الجامعي، ومتابعته للملف المطلبي الجهوي، وتدارسه مختلف المشاكل التي تعرفها مؤسسات التعليم العالي بجامعة شعيب الدكالي، حيث اعتبرها المكتب النقابي اختلالات ومشاكل تُعيق بشكل مزمن ظروف العمل. وقد وصف البيان الحالة التي تعيشها الجامعة بالمزرية، والناتجة عن انعدام المسؤولية لدى الرئاسة، وضعف حكامة التدبير الإداري و المالي، وغياب إرادة حقيقية لدى رئيس الجامعة في إيجاد حلول جذرية للمشاكل التي تعيشها الجامعة، ونهج سياسة التماطل و ربح الوقت، ما أثار استياء وتذمر الأساتذة الذين حضروا اجتماع المكتب النقابي.
أعلن الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي في بيانه عن التنديد ببطء صرف الميزانية الناتج عن غياب تدبير ناجع ومعقلن للموارد المالية المتوفرة، مما يؤثر سلبا على السير العادي بالجامعة، مستهجنا ضعف الإمكانيات المادية واللوجستيكية والموارد البشرية المرصودة للجامعة، وعدم استجابتها للحاجيات المتنامية للأعداد الكبيرة للطلبة.
كما شجب المكتب النقابي ما وصفها بالمقاربة الضيقة لرئاسة الجامعة لحل مشكل الأنترنيت، والمتمثل في الانقطاعات المتكررة وضعف الصبيب رغم ضخامة الميزانية التي صرفت عليه، مستنكرا في ذات الوقت فرض رقابة الرئيس على مواقع الانترنيت مما اعتبره المحتجون تقييدا لحرية الأستاذ الباحث.
وعن العمل النقابي بالجامعة، فقد أشار البيان إلى إدانة النقابة لتضييق الرئاسة على الأصوات النقابية المناضلة، وتقزيم حرية التعبير والرأي، كما حمَّل المكتب النقابي الرئيس مسؤولية كل المشاكل التقنية والأعطاب التي تعرفها حافلة الجامعة الجديدة، حيث اعتبر المحتجون الأعطاب غير مفهومة وغير مبررة، محملين مسؤولية سلامة الأساتذة الباحثين والطلبة ومستعملي الحافلة لرئيس الجامعة.
وفي سياق الاحتجاج، رفض المكتب النقابي ما وصفه بالاستفراد باتخاذ القرارات، وكل أشكال التطاول على اختصاصات وقرارات مجلس الجامعة، مستغربا في الوقت ذاته صمت الرئيس أمام "خروقات بعض رؤساء المؤسسات التابعة للجامعة، وعدم احترامهم وتقيدهم بالقوانين الجاري بها العمل، وانعكاس ذلك على سمعة و مصداقية الجامعة"، كما هدد الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالجديدة في ذات البيان بخوض إضراب جهوي إنداري لمدة 24 ساعة، حيث فُوِّضَتْ صلاحية تنفيذه للمكتب الجهوي، لحث الرئاسة على تحمل مسؤوليتها في تصحيح الاختلالات وإيجاد حلول عاجلة وجذرية للوضعية المتردية للجامعة.
الأستاذ بومدين التانوتي رئيس جامعة شعيب الدكالي كان له رأي آخر في موضوع الاحتجاجات والبيان النقابي، حيث عبر عن استغرابه من صدور البيان في هذه الظرفية بالذات، رغم ما حققته الجامعة من نتائج مهمة بشهادة لجان لتقييم الحكامة، مكونة من خبراء دوليين ورؤساء جامعات أجنبية من جهة، ورغم تبنيه العمل التشاركي مع جميع المتدخلين ومن بينهم الهيئات النقابية، معتبرا هذه الأخيرة كشريك لمناقشة المشاكل وإيجاد حلول لها، وهو ما يفسر الاستقرار والسلم الاجتماعي الذي تعيشه جامعة شعيب الدكالي وما تعرفه من تجانس وتفاهم بين الرئاسة والعمداء والإداريين والأساتذة.
كما أشار رئيس الجامعة إلى أن عدد مجالس الجامعة خلال السنة الماضية وصل إلى 9 اجتماعات، في الوقت الذي يحدد فيه القانون العدد في 3، حيث عزى ذلك إلى رغبة الرئاسة في مناقشة جميع المشاكل التي تعرفها الجامعة في إطار تشاركي، منبها إلى أن رئاسة الجامعة لم يسبق لها أن رفضت إدراج النقط إلى جدول الأعمال كلما تقدم بذلك أحد المتدخلين يوم الاجتماع، ولم يسبق للرئاسة أن رفضت عقد لقاء مع أحد المكاتب النقابية، وهو ما يفسر العدد الكبير للقاءات المنعقدة خلال السنة الماضية، الشيء الذي فند به الرئيس ما تضمنه البيان من استفراده بالقرارات.
وعن النقط الأخرى المتضمنة في البيان، فقد أوضح رئيس الجامعة أن عدد الطلبة لهذه السنة وصل إلى 16297، في حين وصل عدد الأساتذة 520، أي بمعدل 32 طالبا لكل أستاذ، ما اعتبره الرئيس من بين أحسن المعدلات على الصعيد الوطني، مضيفا أن تغطية الحاجيات من المقاعد للطلبة بمجموع المؤسسات التابعة للجامعة بلغت "زائد 141"، عوض الخصاص الذي تعرفه جامعات أخرى، وبالتالي تبقى نقطة ضعف الإمكانيات المادية واللوجيستيكية والموارد البشرية المشار إليها في البيان، يضيف الرئيس، غير صحيحة.
موضوع الحافلة والأنترنيت وصفها رئيس الجامعة بالأمور الطبيعية التي تحدث بين الفينة والأخرى، حيث أشار إلى أن الجامعة اقتنت الحافلة عن طريق الشركة الوطنية للوجيستيك والنقل كما يفرض ذلك القانون، وبالتالي فلا دخل للرئيس في اختيار نوع الحافلة أو شركتها، إلا أنه راسل الشركة المعنية فور وقوع الأعطاب، إذ تم إصلاحها وإجراء خبرة للحالة الميكانيكية للحافلة من طرف لجنة مستقلة، حيث تؤكد أولى المعطيات أن للأعطاب علاقة بالنظام الأوتوماتيكي للحافلة، والذي تأثر بفعل عدم استعمال الحافلة خلال العطل الطويلة، في انتظار توصل الرئاسة بالتقرير التقني المفصل حول الموضوع.
أما بخصوص الأنترنيت، فقد أكد الرئيس على أن وزارة التعليم العالي كانت تربطها بإحدى شركات الاتصال عقدة تحدد الصبيب في مستوياته الدنيا نظرا لعدد المؤسسات التابعة لجامعة شعيب الدكالي، والذي لم يتجاوز حينها مؤسستين فقط، إلا أن ارتفاع عدد الطلبة والأساتذة وتضاعف عدد المؤسسات تسبب في الضغط على شبكة الأنترنيت، مع عدم إمكانية تغيير العقدة بسرعة وخارج إطار القانون الذي يضع هذا الملف في يد الوزارة وليس الجامعة، إلا أن رئاسة هذه الأخيرة عملت ما في وُسعها لتسريع وتيرة الصفقة الجديدة التي تمت فيها مضاعفة الصبيب إلى 3 أضعاف حتى تصبح شبكة الأنترنيت في مستوى تطلعات الجميع، والانقطاعات المشار إليها، يضيف الرئيس، راجعة بالأساس إلى الفترة التي عرفت تغيير الآليات والأجهزة الإلكترونية للرفع من الصبيب.
وقد نفى الرئيس ما تم تداوله في الآونة الأخيرة عن إقدامه على إغلاق بعض المواقع الإلكترونية، حيث أشار إلى أن إحصائيات زيارة المواقع داخل الجامعة تختلف من مؤسسة إلى أخرى، ما يعني ضعف الصبيب في بعض المؤسسات إلى درجة اعتقد فيها البعض أن رئاسة الجامعة تفرض نوعا من الرقابة المبالغ فيها وإغلاق المواقع، وهذا غير صحيح، وفق تعبير السيد تانوتي، مضيفا أنه عمل على تشكيل لجنة من الأساتذة والتقنيين يترأسها أحد الأساتذة، من أجل تتبع استعمال الأنترنيت وتحديد الإشكاليات المطروحة وإعداد تقارير حول الموضوع، تفاديا للاتهامات المجانية لرئاسة الجامعة في هذا الصدد.
وعن خروقات بعض رؤساء الكليات التابعة للجامعة، فقد أكد السيد بومدين التانوني أن المكاتب النقابية لم يسبق لها أن تقدمت إلى رئاسة الجامعة لإشعارها بالخروقات المقصودة في البيان، كما أنه لم يقف على أي خرق للقانون من جانب الرؤساء، إذ غالبا ما تكون هناك مشاكل أو سوء تفاهم بين بعض الرؤساء والأساتذة، سرعان ما يتم تجاوزها وحلها بشكل ودي باعتبارها لا ترقى إلى درجة الخروقات وتحريك المساطر القانونية في هذا الصدد.
وفي سياق احتجاج الطلبة الموظفين على منعهم من التسجيل في سلك الماستر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، فقد أوضح رئيس الجامعة أنه استقبل قبل يومين ممثلين عن الطلبة الموظفين، وأبلغهم القانون الجاري به العمل في الآونة الأخيرة، باعتبار الموظفين الذين سبق أن تسجلوا خلال السنة الماضية ستتم إعادة تسجيلهم دون مطالبتهم بالترخيص من إدارتهم الأصلية، أما بخصوص الموظفين الراغبين في التسجيل لأول مرة، فقد أشار الرئيس إلى عدم إمكانية ذلك في الوقت الراهن، في انتظار قرار وزاري ينظم هذه العملية.